المدينةمراكش

من بين 5 جمعيات عربية تدافع عن “صون التراث اللامادي”.. “اليونسكو” تعتمد “منية مراكش”

بقلم: محمد المراكشي

” صدفة ” ؟
بل أكبر وأعظم !
وأهل مراكش في غمرة الاحتفال بالذكرى الفضية للعرش المغربي المجيد، استقبلت جمعية ” منية مراكش ” فجأة وعلى غير موعد . استقبلت رسالة ” اليونسكو” المؤرخة ب 25/7/2025 التي تبشر بالقرار التاريخي المتخذ في اجتماع دورتها 10 المنعقد بمقر “اليونسكو” بباريس . القرار الكبير الذي يعتمد جمعية “منية مراكش” ، بصفتها منظمة غير حكومية ، لأداء مهام استشارية لدى اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث التراث الثقافي غير المادي . مع العلم ان المنظمة العالمية للثقافة والفنون اختارت – لحد الآن – خمس جمعيات لهذه المهمات في الوطن العربي ..

من ” أسرار ” صدفة الاحتفال بالحدثين في الحدث الأم ( فضية العرش المجيد ) ، والتي نزلت فرحا وسلاما على أهل جمعية ” منية مراكش” من الخبراء والجامعيين والفنانين والحرفيين والصناع ..اعتبار هذا الاعتراف الدولي الذي يتوج ثلاثة عقود من العمل الجمعوي المتسم بالأصالة والاستمرارية والإبداع ، العمل الذي يرى في التراث ” مجدا تجلى وسما ” يحمله المغاربة في قلوبهم شعلات من الحب والأمل والوفاء في الطريق إلى المستقبل ..

” جنود ” جمعية منية مراكش والساهرين على العناية بالجذور الحضارية للأمة المغربية ، لا يعتبرون هذا التقديرالأممي من طرف “اليونسكو ” تكريما لشخص الجمعية وعملها . بل تكريما لعمق وسداد وابداعية المقاربة الملكية الرائدة المعتمدة في المشاريع الملكية الكبرى “الحاضرة المتجددة ” التي رأت النور قبل عقد من الزمن عبر الورش الملكي التاريخي الذي انطلق في يناير 2014 .بل تعتبر خارطة الطريق المحورية لمشروع حضاري وثقافي يعيد الاعتبار لذاكرة مراكش العاصمة العالمية الحاملة للتاريخ ، ويقوي مقومات إشعاعها ونهضتها.

ولقد حرصت المشاريع الملكية المذكورة ، والتي حظيت بإعداد جيد ، ثقافي بشري ، وخصصت لها إمكانيات مالية كبرى غير مسبوقة . لقد حرصت المقاربة الملكية المندمجة على محورية منهجية مبدعة و وفية لروح الالتزامات الدولية لمراكش ، تجمع بين الحفاظ على الموروث المادي واللامادي وإعادة التأهيل الثقافي للمدينة القديمة وبيئتها ؛ باعتبارها نموذج فريد لانصهار نسيج حضاري استغرق زهاء 1000 سنة وتميز بتعاقد أنظمة وعلوم وفنون وروحانيات تركت بصماتها القوية في البناء والتصميم والزخرفة وجودة العيش وفنون شعبية متنوعة مثل السماع و الملحون والحلقة . وفي تدين مغربي يحتضن معاني الخير والإحسان والتضامن الذي تعبر عنه القيم الايمانية والاجتماعية لسيدي بلعباس والرجال السبعة في تربة الأولياء والصالحين ..

إذن، بفضل التوجيهات الملكية المبدعة بخصوص ” المصالحة مع الماضي ” ، المصالحة بين الإيمان والفن والابداع ، أضحى المغرب اليوم منارا يشع في موضوع حماية التراث و ” الفرح ” بجواهره ( دعوة جمعية منية لإحياء عيد تقطير الزهر في الربيع و إقامتها لملتقى دولي سنوي احتفاء بالسماع والتراث الموسيقي المحلي )

رسالة اليونسكو المباغتة والمؤرخة ب 25/7/2024 ، كشف عنها الأستاذ جعفر الكنسوسي (رئيس كوكبة ” منية مراكش “) . أما مناسبة هذا الإعلان المائدة المستديرة التي كانت منظمة بمناسبة عيد العرش المجيد يوم السبت 27/7/2024 تحت عنوان ” العناية الملكية بتثمين تراث المدينة العتيقة وصونه ” بمشاركة ثلة من العلماء والمثقفين والخبراء ..

وإذا كانت المناسبة لاتسمح اليوم باستعراض تفاصيل المناقشات الغنية التي تضمنتها الندوة ، فيمكن الاكتفاء بأم الخلاصات التي تم التعبير التلقائي عنها ، وبالإجماع . الخلاصة التي جدد التأكيد عليها الأستاذ الكنسوسي والتي ترسخ الدور الرائد للورش الملكي في الخروج من ” العقم ” الحضاري المزعوم ، واكتشاف ” الفرح ” المستبطن في ثقافتنا و فنوننا العريقة . وفي مراكمة تجربة واسعة وعميقة بخصوص العناية بالتراث ، تفتح ” العقل والروح ” أمام تدخل جمعيات المجتمع المدني بغاية توسيع الأفق الاجتماعي /التنموي وتطوير القدرات والاجتهادات ..

ولا شك أن قبول جمعية منية مراكش من طرف اليونسكو، عضوا في الجمعية العامة الأعضاء بموجب اتفاقية اليونسكو لعام 2003 بشأن صون التراث الثقافي غير المادي ، تعد ثمرة هذه التجربة التي فتحها الورش الملكي الرائد، كما تتيح فرصا للتعاون الدولي والمشاركة في مناقشة القرار الدولي المتعلق بصون التراث اللامادي ، الأمر الذي يساعد الجمعية المذكورة ( والمجتمع المدني المحلي ) على تعزيز الجهود وتطوير القدرات في هذا مجال تراث المغرب الذي معه ” العز الدائم والعزم المستديم ” وعلى قول الشاعر محمود درويش : ” خذوا ما شئتم ..لكن دعوا لي ثقافتي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى