المنارةجليزمراكش

في تقرير حول الدخول المدرسي.. حقوقيون يرسمون صورة قاتمة لقطاع التعليم بمراكش

عقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، عشية أول أمس السبت، ندوة صحفية لتقديم خلاصات تقريرها حول الدخول المدرسي برسم الموسم الجديد 2025-2024 بعمالة مراكش.

واعتبرت الجمعية أن قطاع التعليم بمديرية عمالة مراكش يعيش أزمة مزمنة متعددة الأبعاد بسبب ما أسمته السياسات المعتمدة وإملاءات المؤسسات المالية والإرتجالية و العشوائية في التدبير.

نص التصريح الصحفي:

تصريح صحفي خاص بالدخول المدرسي لموسم 2024-2025 بعمالة مراكش

السيدات، السادة ممثلي وسائل الإعلام المكتوبة والالكترونية؛
السيدات والسادة ممثلي الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية؛
الحضور الكريم ،
تتقدم لكم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان -فرع المنارة مراكش- بخالص التحية و الشكر على تلبية دعوتها لهذه الندوة الصحفية، التي تتوخى منها تسليط الضوء و الوقوف على مدى إعمال الحق في التعليم بعمالة مراكش خلال محطة الدخول المدرسي للموسم الدراسي الحالي وفق المواصفات والمعايير الدولية، التي التزمت الدولة من خلالها بالسهر على إعماله و تفعيله، و بالتالي تقييم السياسات العمومية في مجال التعليم، ارتكازا على آليات الرصد والنقد وتسجيل الانتهاكات والخروقات والاختلالات التي تواكب الدخول المدرسي، مستندة في ذلك على المرجعية الدولية لحقوق الإنسان.

السيدات والسادة ،الحضور الكريم :

في البداية لا بد من التأكيد على أن هذا التقرير لا يدعي الشمولية و الإحاطة الكاملة والإلمام التام، بل يكتفي بسرد نماذج فقط من الانتهاكات و الاختلالات و الخروقات، نظرة لكثرتها وتداخلها بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وباقي أسس ومؤشرات التنمية البشرية والتنمية المستدامة.

لابد من الإشارة أيضا على أن التقرير اعتمد على آلية الرصد والتتبع الميداني للجمعية عبر مناضلاتها ومناضليها بعمالة مراكش، مما مكنها من رصد عدد من الانتهاكات و الخروقات و الاختلالات التي شكلت إجهازا جسيما على الحق في التعليم، من خلال الضرب السافر لسماته الأربع المتمثلة في : التوافر و إمكانية الالتحاق وإمكانية القبول و قابلية التكيف. فالدولة إذن – استنادا على المعايير الدولية لحقوق الانسان – بعيدة كل البعد عن حماية الحق في التعليم، وتوفيره على أساس الإلزامية و الإجبارية، و بشكل يحظر التمييز لأي سبب و يضمن المساواة و الجودة. أمر لا يدعو إلى الكثير من الاستغراب إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدم انسجام و تطابق الدستور المغربي مع المرجعية الكونية لحقوق الانسان في التنصيص على الحق في التعليم، بكونه حقا أساسيا وجب حمايته وضمانه بناء على الإلزامية و المجانية و الجودة و المساواة بين الجنسين أو المساواة المجالية و التوافر للجميع بما فيه ذلك التعليم العالي على أساس الكفاءة، إذ أنه لم يحمل الدولة المسؤولية بالإعمال الفعلي للحق في التعليم، بل جعل الأسرة مسؤولة عن ذلك إلى جانبها، كما أن استعمال لفظ التيسيير في الدستور يأتي بمعنى التسهيل لا الإلزام و الإجبار، فالدولة إذن ليست ملزمة أو مجبرة،بل تم تقليص دورها ليجعل منها ميسرة فقط. إضافة لكون أهداف التعليم كما هي مسطرة في الدستور تبقى بعيدة كل البعد عن الأهداف المتضمنة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان و مجموع العهود والاتفاقيات الملزمة للأطراف. بالإضافة إلى فشل كل مقاربات الإصلاحية السابقة المبنية على سياسة الاقتراض، و في غياب أي شكل من أشكال التقييم و المساءلة و المحاسبة و في ظل الاستمرار في حماية الفساد.

لقد قدمت وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة عرضا يوم 12 شتنبر 2024 صرح من خلاله الوزير السابق بالتحاق 8 ملايين و112 ألف تلميذة وتلميذ بمؤسساتهم التعليمية، وحوالي 984 ألف طفلة وطفل بالتعليم الأولي، و بأن الموسم الدراسي قد انطلق فعليا يوم 9 شتنبر 2024 ( أي كما تمت برمجته في مقرر الدخول المدرسي)، في حين استقبلت فيه الجمعية شأنها شأن كل الأسر المغربية و المتتبعين و الفاعلين و المهتمين… بعمالة مراكش هذا الخبر بكثير من الاستغراب، إذ أن أغلب المؤسسات التعليمية بجميع الأسلاك كانت قد أعلنت للتو انطلاق عمليتي التسجيل و إعادة التسجيل، و التي أعيد تمديدها مرات و مرات لتمتد إلى غاية بداية شهر أكتوبر، بالإضافة إلى تكليف كم من هيئة التدريس بمهام بالإحصاء العام للسكن و السكنى، و التغييرات المتكررة التي تطال البنيات التربوية للمؤسسات التعليمية بكافة الأسلاك، بشكل يتناسب مع المقاربة الارتجالية المعتمدة في تدبير حركية إعادة انتشار الفائض و سد الخصاص. أما على المستوى الجهوي و الإقليمي، غابت عروض الدخول المدرسي و اقتصر الأمر فقط على بعض تصريحات مدير الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لبعض المنابر الإعلامية، و التي تضمنت أرقاما جامدة لا يمكن قراءتها و تبيان حقيقة ما تعبر عنه إلا باستحضارها و سط سياق ما سبقها من أرقام و وعود ما فتئت تتكسر عند اصطدامها بصخرة الواقع.

إن الجمعية الجعية المغربية لحقوق الإنسان و هي تقدم تقرير الدخول المدرسي 2024-2025 تستحضر الاختلالات التي عرفتها كل المقاربات الإصلاحية للتعليم، في غياب أية آليات حقيقة للتبع و التقييم و التقويم و المحاسبة و المساءلة، والتي باءت كلها بالفشل.
فشل المقاربات الاصلاحية وحماية الفساد( نمودج البرنامج الاستعجالي).

كانت مرحلة الإصلاح 1999/2013 المنبنية على وثيقة الميثاق الوطني للتربية و التكوين تعتمد من حيث الشعار على الحق في التعليم والتعميم والمجانية وسط ركود اقتصادي وتدني مؤشرات التنمية، وبالنظر إلى جداول بيانات الدين الخارجي للمغرب، سنلاحظ الاستقرار الطفيف للمنحنى خلال فترة 1999/2004، تلاه التصاعد الحاد انطلاقا من سنة 2005 و الذي تزامن مع الإعلان الرسمي عن بداية تفعيل المخطط الاستعجالي المبني على الاقتراض. بعد فشل هذا المخطط سواء في شقه المالي، الذي لم تستفد منه المدرسة العمومية، بل استفادت منه ثلة من الوسطاء وحراس الاصطفاف الطبقي المتفاقم، أو في الشق البيداغوجي من خلال استيراد مناهج للتدريس عبر مؤسسة بييف التى أدخلت المدرسة العمومية في مرحلة الغرابة القاتلة، أضف إلى ذلك ما تضمنته العديد من التقارير الحقوقية وتقرير المجلس الأعلى للحسابات و تقرير المجلس الأعلى للتعليم، لم يتم تحديد المسؤوليات و تفعيل آليات المحاسبة. وأصبحت المدرسة العمومية إضافة إلى دورها الأيديولوجي الساعي إلى تأبيد الوضع الطبقي وسيلة لاسترزاق الرأسمال التبعي وتحسين تموقعه.

تغير المناخ والتغول الإمبريالي والكوارث الطبيعية( نمودج زلزال الأطلس الكبير) .

كان للسياق الدولي أثر كبير على استقلالية القرار السياسي الوطني في ظل الموت السريري لأنماط الإنتاج التقليدية المعاشية بسبب ديمومة الجفاف والتباين المجالي في مستوى العيش وتنامي الهشاشة الاجتماعية والحركية الديموغرافية والهجرة و تدهور البنية التحتية الجبلية. أوضاع زاد من حدتها زلزال الأطلس الكبير، ومرة أخرى تستهلك الدولة المغربية جملة شعارات بعيدة عن الواقع. فقد أوردت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في عرضها لمستجدات الدخول المدرسي الجديد 2024/2025 على مستوى محور المؤسسات التعليمية، معطيات تهم تدخلاتها لضمان استمرارية الدراسة في المناطق التي تضررت من زلزال الأطلس الكبير، وهي التدخلات التي تندرج ضمن عدد من الإجراءات ذات الطابع الاستعجالي والمتمثلة في تنقيل التلاميذ وتوفير الخيام المدرسية والوحدات الدراسية المسبقة الصنع والدعم النفسي والتربوي، وتوفير المحافظ واللوازم المدرسية… باستثناء منح تعويضات لأسر ضحايا الزلزال.

إلا أن الواقع، كما سبقت الإشارة، يشير إلى أنه، على مستوى البنيات التحتية على سبيل المثال بقطاع التعليم ، تم تحديد مجموع المؤسسات المتضررة من الزلزال من خلال التشخيص التقني في 1090 مؤسسة (بعدما تم التصريح سابقا بعدد يفوق 1200) منها 343 بإقليم الحوز و593 بإقليم شيشاوة و154 بعمالة مراكش.في حين يتم فقط العمل علىى تسليم 165 مؤسسة تدريجيا، منها 85 مؤسسة فقط تم فتحها في وجه التلاميذ مع بداية الدخول المدرسي.

لقد وقفت الجمعية المغربية لحقوق الأنسان وهي تنجز هذا التقرير بشأن الدخول المدرسي للموسم الدراسي الجاري بعمالة مراكش على:
 ضعف وثيرة الإصلاح و التأهيل و إعادة بناء المؤسسات التعليمية المتضررة من الزلزال.
 التخلي عن الخيام في بعض المؤسسات التعليمية وتعويضها بالبناء المتنقل للتغطية عن إفلاس ورش إعادة البناء و التأهيل.
 ارتفاع طلبات شواهد المغادرة خاصة من إقليم الحوز نحو عمالة مراكش بسبب ظروف التمدرس والسكن عموما. و هو مؤشر على عدم قدرة الدولة على تعويض ما دمره الزلزال، أو الاستمرار في بناء مؤسسات جديدة كانت مبرمجة قبل الزلزال كالثانوية التأهيلية توبقال بدوار إيزيكي كان من المفروض أن تفتح أبوابها برسم الموسم الدراسي الفارط، في الوقت الذي بالكاد ابتدأت فيها أشغال البناء و بوثيرة بطيئة. أضف إلى هذا بداية أشغال إعادة بناء وتأهيل الثانوية التأهيلية ابن خلدون بجاعة أكفاي مع نهاية شهر شتنبر المنصرم و التي تضم ما يقارب 1700 تلميذ تابعوا دراستهم السنة الفارطة في 26 خيمة لم توفر منها الوزارة المعنية ولا واحدة منها.
 كارثة الخيام التي استمرت في مجموعة من المؤسسات التعليمية مثل بجماعة أكفاي ومدرسة الإخلاص بمنطقة المحاميد ومؤسسات أخرى…
 التغاضي عن ترميم قاعات متضررة من الزلزال بالثانوية الإعدادية الشريف الإدريسي.
 افتقار الحجرات المسبقة الصنع لشروط التدريس الجيد، وندرة بل انعدام توفر الماء أو صعوبة جلبه من أماكن بعيدة.
 الارتجالية في عملية التحويل الجماعي للتلميذات و التلاميذ وتوزيعهم بين السلكين الابتدائي و الإعدادي (مدرسة الطبري كنموذج) و بين الإعدادي و الثانوي التأهيلي (أحياء برادي و سوكوما و أزلي و أزلي الجنوبي على سبيل المثال لا الحصر)، و التي لا تأخذ بعين الاعتبار بعد المؤسسة عن مقر السكن وما ينتج عن ذلك هواجس أمنية لدى الأسر.
 استمرار غياب أي تدخل للدعم النفسي و الاجتماعي بمعناه التخصصي لدى ضحايا الزلزال المدمر، والارتجالية و العبث اللذان اكتنفا تكوين مؤطري الدعم النفسي.
 ضعف العرض المدرسي بسبب تأخر أعمال البناء والتأهيل على المنوال الذي سبق التطرق إليه.
 فشل إجراءات توسيع الطاقة الاستيعابية للداخليات بسبب ضعف الاعتماد المالي المرصود أو الحفاظ على نفس وضع الموسم الفارط.
 على مستوى التجهيز و الإيواء ساهمت عملية تنقيل التلاميذ التي تم اعتمادها كإجراء مؤقت خلال الموسم الفارط في الكشف عن الوضعية المتدهورة لبنية الاستقبال وظروف الإيواء وجودة الخدمات، و تعرية الظروف المزرية للداخليات و دور الطالب و الطالبة و حالة المطاعم المدرسية، في الوقت الذي تم فيه التعاطي ما تم الكشف عنه باعتماد حلول الترقيع كالمعتاد. كما تم إهمال سكنيات المدرسين، التي لم تعر أي اهتمام إلى حد الساعة، في المناطق الجبلية والصعبة الولوج.
 استمرار غياب المستوى الاستباقي والاستراتيجي؛ فغياب التخطيط الاستراتيجي القائم على إعداد بنية وثائقية وهيكلية ومادية، ورسم معالم خطط تدخلية عقلانية ومرنة، وضمان تعبئة مجتمعية واعية وشاملة كلها عوامل ساهمت في رفع مؤشر هدر الزمن المدرسي، وتنامي نسب الهدر المدرسي وارتفاع نسب الاكتظاظ في مناطق تعيش إلى جانب الهشاشة المتعددة الأبعاد كثيرا من الأمية.

تواصل الجمعية مواكبتها للتنزيل المتدرج لمشروع الريادة بالسلكين الابتدائي و الثانوي الإعدادي، و لعل أهم ما طبع تنزيل المشروع مع مستهل هذا الدخول المدرسي:
 عدم صرف المنحة السنوية المخصصة لأطر هيئة التدريس، بل واعتمادها مرة واحدة فقط في مسارهم المهني، مما أدى إلى استياء عارم بلغ درجة الإحباط في صفوفهم.
 الاحتجاجات المستمرة لأطر هيئة التدريس خلال فترات التكوين بشأن ظروف التغذية كان آخرها الاحتجاجات بثانويتي محمد السادس و الحسن الثاني يوم 07 نونبر المنصرم.
 عدم توصل مؤسسات الريادة بتجيزات مثل الحواسيب أو الوثائق الضرورية،
 الاكتظاظ الخانق في الحجرات الدراسية.
 صعوبات في انتقال التلاميذ إلى أقاليم أخرى لاستكمال دراستهم في مدارس الريادة.
 محدودية البنية التحتية حيث أن أغلب متطلبات المشروع غير متوفرة علما أنه انطلق خلال الدخول المدرسي الفارط، و لا تزال أغلب المؤسسات المعنية إن لم نقل جلها تشتكي من ضعف البنية التحتية، من حجرات، ومرافق صحية، وغياب النظافة بسبب عدم وجود المنظفات والمنظفين، والأمن المدرسي، والعتاد الديداكتيكي وصبيب الأنترنت وأجهزة النسخ والطباعة.
التركيز على الحد الأدنى من التعلمات من شأنه أن يراكم الفشل الدراسي ويحد من التميز والابتكار.
توفر 24 مفتشا تربويا فقط موزعين على مقاطعات تفتيش بمديرية عمالة مراكش تضم أزيد من 230 مدرسة ابتدائية بمعدل مؤطر واحد لأكثر من 80 أستاذ يجعل عملية المواكبة والتأطير والتقويم والتقييم بدون جدوى.
حصر مهام التدبير في العمل الإداري الصرف دون المواكبة التربوية وغياب الأطر الإدارية المساعدة خصوصا في المؤسسات التي تحتضن أكثر من 600 تلميذ.

إن كل إصلاح له كلفة مالية واقتصادية تتحملها الدولة للقيام بدورها في تطوير المنظومة التربوية وتجديدها، وهو نفس ما عاشته وتعيشه مدارس الريادة بالمغرب. فقد تم رصد منحة مالية مهمة للمؤسسات المعنية بلغت 100000 درهم بغرض صرفها في إطار مشاريع مندمجة لتغطية الحاجيات الضرورية و النفقات الصغرى، إضافة إلى تأهيلها بالكامل بتكلفة مادية مهمة من خلال صفقات عبر التراب الوطني، ثم تجهيز كل قسم بمسلاط ضوئي وتمكين الأستاذ من حاسوب محمول ثم عدة ورقية يتم توفيرها بمبالغ مالية مهمة أيضا. ليطرح سؤال مصدر التمويل بحدة، نظرا لضخامة المبالغ المصروفة، وطبعا سنجد بأن الجواب يكمن في تدبير ميزانيات الأكاديميات والمديريات الإقليمية التي طلب منها توفير كل ما ذكر، بأوامر فوقية كما أشرنا سابقا، في غالب الأحيان من نفس ميزانياتها المكونة من إعانة الدولة فقط، و الموجهة لتمويل كل النفقات و العمليات و المشاريع و خلال الموسم الدراسي على مستوى الجهة، باستثناء الحواسيب المحمولة التي تم توفيرها من مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين. فما كان إلا أن تم التصرف في الميزانيات المتوفرة على حساب عدة نفقات و عمليات و مشاريع و أغلب و المؤسسات التعليمية غير المعنية بتنزيل هذا النموذج، و يتضح هذا في كون الموازنات المالية الأولى قد منحت فقط 50000 درهم كمنحة لمشاريع المؤسسات المحتضنة للنموذج ليتم تعديلها إلى غاية بلوغها 10 ملايين سنتيم لكل مؤسسة. هذه الحالة جعلت العديد من المديريات والأكاديميات تبرمج أقل من مليون سنتيم كمنحة للمشروع المندمج لباقي المؤسسات التعليمية وغياب تام لوسائل الاشتغال بلغ إلى حد شح المواد المكتبية الضرورية، نظرا لاستنزاف الميزانيات الخاصة بها. فنجد من أساتذة المؤسسات غير المدرجة في مدارس الريادة من تم تمكينه أربعة أقلام فقط لتغطية الفترة المتبقية من السنة المالية الحالية أو ربما للموسم الدراسي ككل. وبالنظر والاطلاع على ميزانية القطاع لسنة 2024 نجد بأن الوزارة الوصية قد عادت لبرمجة منحة خاصة بتنزيل النموذج مقدرة في 50000 درهم خصوصا مع تزايد أعداد هذه المؤسسات وهو ما يعني نصف منحة التجريب هذه السنة، بالإضافة إلى استنزاف المبالغ المرصودة للتكوين المستمر من خلال عدد أيام التكوين الخاصة بتنزيل النموذج الجديد والتي تبلغ ما يفوق 18 يوم لكل أستاذ وأستاذة، هذا كله دون إغفال منحة التحفيز التي ما تزال موضوع مماطلة و تسويف .يمكن القول إجمالا بأن ارتفاع النفقات المالية لمدارس الريادة يعني مباشرة تفقير باقي المؤسسات التعليمية غير المعنية، و هو ما يعني أيضا أن خدمة مدارس الريادة سيكون على حساب المخصصات المالية لباقي المؤسسات.إضافة إلى إنهاك و استنزاف ميزانية الأكاديميات والمديريات الإقليمية لكونها الجهة المانحة للتمويل،في حين يبقى على الوزارة صرف منح أطر التدريس وبعض التجهيزات موضوع صفقات مركزية، على أن توفير الحواسيب يقع على عاتق مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية، علما أن اختصاصها الأصيل قانونا هو تنمية الأعمال الاجتماعية للعاملين بالقطاع، و ليس المساهمة في نفقات الدولة.

لقد وقفت الجمعية على استمرار معضلة الاكتضاض، و نسوق في الأمثلة عن استفحالها خلال هذا الموسم الدراسي:
– فاق عدد التلاميذ بمدرسة برادي 2 الابتدائية بمنطقة المحاميد 50 تلميذا في القسم ، بسبب التقاعس والتهاون في إكمال بناء قاعتين.
– تشكل الثانوية التأهيلية المحاميد 9 أحد العناوين الكبرى للعبث والارتجالية وغياب البوصلة ،من خلال رفع البنية التربوية بها إلى 49 قسما بإضافة 07 أقسام مقارنة بالموسم الدراسي الفارط.علما أن بنية الثانوية محددة في أحسن الأحوال لتستوعب 40 قسما. و أمام هذا الوضع لجأت المديرية إلى حل ترقيعي يتمثل في استعارة 07 حجرات دراسية من الثانوية الإعدادية بن الصديق لتستعمل في تدريس تلاميذ الثانوية التأهيلية المحاميد 9. و نظرا لكون هذه القاعات غير مجهزة، فقد تفثقت عبقرية المديرية بفرض التوقيت المستمر بشكل قلص من الغلاف الزمني للتلميذ وو زاد من إرهاق الأستاذ والإدارة التربوية.الأمر الذي أخر الدخول المدرسي بالثانوية إلى غاية منتصف شهر أكتوبر . بالرغم من ذلك يسجل خصاص في أساتذة بعض المواد كالرياضيات، الفيزياء. والعلوم الانسانية بالنسبة لمستوى الجذع المشترك، مما دفع بهيئة التدريس و الآباء و الأمهات و الأولياء و التلاميذ للاحتجاج عن هذه الأوضاع الحاطة بكرامة كل مكونات المجتمع المدرسي و مرتفقي إدارته.

– فاق عدد التلاميذ المسجلين بالثانوية الإعدادية السعادة بحي آفاق جماعة سعادة 1950 تلميذة وتلميذة. مما أدى إلى تحويل كل مرافق المؤسسة لحجرات دراسية بما فيها قاعات بالقسم الداخلي المغلق، إضافة إلى قاعة منجزة من طرف جمعية الآباء خاصة بالتلميذات اللواتي ينتظرن النقل المدرسي خلال رحلات العودة ضمانا لأمنهن و سلامتهن من مختلف التهديدات التي تعترضنهن في محيط المؤسسة أثناء فترات انتظار النقل التي قد تطول .
– تلميذات و تلاميذ الثانوية الإعدادية عابد الجابري بدار السلام، يتابعون دراستهم بقاعات تمت إعارتها من قبل مجموعة مدراس أبي موسى الأشعري المركزية، أي أن عدد التلاميذ فاق بكثير بنية الاستقبال بالمؤسسة التي تعمل أصلا فوق طاقتتها الاستيعابية.
– وكما العادة انطلقت الدراسة على وقع الاكتظاظ في كلّ من الثانوية التأهيلية ابن الهيثم، والثانوية التأهيلية صلاح الدين الأيوبي، والثانوية التأهيلية الزرقطوني، والثانوية الإعدادية المنفلوطي، والثانوية التأهيلية ابن المعتز، على سبيل المثال لا الحصر، حيث يفوق عدد التلاميذ في الجذوع المشتركة العلمية خيار فرنسية والأوليات بكالوريا علوم تجريبية خيار فرنسية 52 تلميذا بالقسم الواحد. هذا وتجدر الإشارة إلى أن حجم القسم لا يمكن أن يتحمّل مثل هذا العدد.
– جعل تلميذات و تلاميذ السلك الإعدادي بستة أحياء كروافد في مؤسسة واحدة وهي أحياء: الكدية وأكيوض ومبروكة وبين القشالي وأبواب جيليز وبساتين جيليز. حيث لا توجد إلا إعدادية واحدة هى الثانوية الإعدادية المجد. والتي تشهد بدورها اكتظاظا لا يطاق منذ السنة الماضية، حيث فاق عدد التلاميذ 48 تلميذا بالقسم الواحد.
– حالة الاكتظاظ التي تعانيها الثانوية التأهيلية ابن خلدون بجماعة أكفاي أمام بنية الاستقبال الصغيرة، حيث يصعب لدرجة الاستحالة استقبال العدد المتزايد للتلاميذ الوافدين.
– عدم تسليم الأقسام التي كان من المفروض أن تكون جاهزة عند بداية السنة الدراسية، و بالتالي جعل الإدارة التربوية تلجأ لتقليص البنيات باللجوء لضم الأقسام، يعني بالضرورة حشر التلاميذ في أقسام مكتظة أصلا.
– رفض استقبال التلاميذ الجدد. و ما وقع في مؤسسة رياض الحمامة؛ حيث لم تسلّم قاعتين، ورفضت المدرسة استقبال تلاميذ المستوى الخامس.
وقد بلغت هذه المشكلة حدود رفض تسجيل التلاميذ وحرمانهم من الحق في التعليم خوفا من الزيادة في الاكتظاظ، كما هو الحال في المدرسة الابتدائية العزوزية، أو بمبرر الاكتظاظ كما هو الحال في بعض المدارس التي رفض المديرون فيها تسجيل مواليد 2019 شهر 1و2و3 (يناير، فبراير، مارس) رغم كونهم بلغوا السن القانوني للتسجيل، حيث يفوق عدد التلاميذ 50 تلميذا في القسم. (وقد ترتّب عن هذه المشكلة لجوء بعض الآباء إلى التحايل على القانون للظفر بحقّهم في التعليم حيث يعمدون إلى تسجيل أبنائهم في مدارس أخرى غالبا بالوسط القروي ثم تنقيلهم إلى المدرسة المرغوب فيها بمبرر تغيير محل الإقامة).

شهدت بداية الموسم الدراسي الجاري 2024-2025 تراجعا جديدا من جملة التراجعات التي يسجّلها ملف الحماية الاجتماعية، وربط مصير العائلات الفقيرة بسيف المؤشر حيث تمّ قطع الدعم عن مجموعة من العائلات وبقيت عارية في مواجهة موجة الغلاء التي يشهدها المغرب منذ ما يزيد عن سنة. وفي هذا الإطار عاينّنا مجموعة من الحالات التي حُرم خلالها التلاميذ من الحصول على منح الدعم الاجتماعي ( منحة الإطعام المدرسي 4/1 أو منحة الداخلية 4/4 علما بأن الدولة تخلت منذ أمد بعيد عن نوع المنحة 2/1) و ذلك بسبب ارتفاع المؤشر. و هو ما يشكل عائقا أمام تمدرس العديد من التلميذات والتلاميذ خاصة الفتيات منهم بسبب غياب أنواع الدعم الاجتماعي المذكور ( أمثلة عديدة لتلميذات متميزات من دواوير بجماعة سعادة و جماعة السويهلة و جماعة أكفاي). ضرب صارخ للحق في التعليم.

أما فيما يتعلق بمؤشرات الهدر (الانقطاع أو عدم الالتحاق) فقد سجلت الجمعية:

o عدم توفر تلاميذ المستوى الأول ابتدائي عام على مقاعد رغم بلوغهم السن القانوني للتمدرس.
o عدم استفادة تلميذات و تلاميذ السلك الثانوي التأهيلي من منح الإطعام أو الداخلية أو النقل المدرسي مما يؤثر على متابعة دراستهم بالسلكين الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي و على وجه الخصوص فتيات الوسط القروي ( بعض الدواوير بجماعتي سعادة و السويهلة على سبيل المثال)
o اعتماد قرار عدم تسجيل تلاميذ و تلميذات نفس الحوض المدرسي بجميع الأسلاك التعليمية،
o عدم التحاق مربيات التعليم الأولي بمقرات عملهم داخل المدرسة نفسها؛ مما يفرض على الآباء الخضوع لشروط مدارس التعليم الخاص التي قد يفوق مبلغ التمدرس بها 400 درهم للشهر داخل أحياء فقيرة.
o الاختلالات البنيوية و المحلية التي يعرفها تدبير النقل المدرسي الذي من المفروض فيه تقديم حلّ للحد من ظاهرة الهدر، كما هو الحال في جماعة سيد الزوين حيث عملية النقل تفرض على التلاميذ البقاء في الثانوية من الصباح إلى المساء أي 9 ساعات. وفي حالة كان التلميذ يدرس ساعتين أو ثلاث ساعات في الصباح يجد نفسه مضطرا للبقاء في محيط الثانوية طوال اليوم أو التغيّب عن الحصص خصوصا الفتيات.
o عدم تطابق استعمالات الزمن بين المركزية والفرعية الذي يترتب عنه إقصاء بعض التلميذات و التلاميذ من النقل المدرسي ومن تمّ حرمانهم من التمدرس خصوصا عندما نعلم أنّ المدرسة بعيدة عنهم بما يزيد عن 7 كيلومترات. وقد وقفنا على هذه الحالة مع تلاميذ وتلميذات فرعية عين البيلك مجموعة مدارس البوصيري الواقعة بتجزئة المصمودي مع مركزية البوصيري.
o عملية التصرّف في استعمال الزمن وإلغاء بعض المواد. فثانوية ابن خلدون التأهيلية بجماعة أكفاي بسلكيها الإعدادي والتأهيلي، تشهد فوضى وخرقا سافرا للقرارات والتوجيهات من جوانب عديدة؛ حيث انطلقت بها الدراسة مع استمرار إلغاء مواد التفتح والتربية البدنية وتقليص البنية، ونقص عدد الساعات في بعض المواد، وسرعان ما تبين أن الخيام غير صالحة حيث توقفت الأطر التربوية عن العمل نتيجة الظروف غير التربوية، ثم استمر الترقيع والارتجال ووافقت إدارة المؤسسة على العمل بالحجرات رغم منع العمل بها في البداية.

و في ما يخص البنية التحتية، فقد وقفت الجمعية على أنه لاتزال مجموعة من المدارس تعاني من انعدام الماء و الكهرباء و المرافق الصحية خاصة بالوسط القروي (وحدات مدرسية بجماعات سعادة و السويهلة والاوداية وسيدي الزوين وأكفاي وتسلطانت)، مما يشكل عائقا حقيقيا أمام تمدرس التلاميذ وتواجدهم داخل فضاء المدرسة خاصة الفتيات منهم، كما يؤثر على الأوضاع الصحية و البيئية بالمؤسسات وبمحيطها. و نعطي في هذا الصدد أمثلة صارخة:
 الوضع البيئي بمحيط مدرسة 20 غشت بجماعة تسلطانت على سبيل المثال لا الحصر، حيث تغمر جنبات المؤسسة ممرات للواد الحار ما يثير قلقا صحيا من شأنه التأثير على صحة التلاميذ و العاملين بالمؤسسة.
 الوضع البيئي بمحيط الثانوية التأهيلية ابن خلدون، إذ يعاني دوار رجال احمر بجماعة أكفاي، مكان تواجد المؤسسة، من غياب نظام للصرف الصحي و هو ما يثير قلقا صحيا قد ينعكس على التلاميذ والعاملين و الساكنة ككل.
 عدم الربط بشبكة الماء الصالح للشرب بالثانوية التأهيلية الوفاق بجماعة سيدي الزوين لأزيد من 9 سنوات.
 الاستمرار بالعمل بصيغة 3 أساتذة لكل قاعة تدريس و بالتالي تقليص الزمن الدراسي لتلميذات وتلاميذ بمركزية مجموعة مدارس البساتين أولاد با لأزيد من ثلاث سنوات بسبب تعثر استبدال قاعات البناء المفكك بالبناء الصلب.
 استمرار الأشغال داخل الثانوية التأهيلية ابن خلدون بجماعة أكفاي يجعل الدخول المدرسي بالمؤسسة مضطربا و يجعل التلميذات و التلاميذ و العاملين و المرتفقين في بيئة غير آمنة، مما يؤدي إلى تزايد المخاوف بشأن السلامة و تأثير ذلك على استقرار الحصص الدراسية و وثيرة التعلم.
 استمرار العمل داخل حجرات البناء المفكك بعدد من المؤسسات التعليمية خاصة بالوسط القروي رغم ما أوردته تقارير تفيد الخطر الصحي الذي يشكله على المتعلمين و العاملين على حد سواء و ذلك بعدد من المؤسسات الواقعة بالجماعات القروية: اسعادة و السويهلة و تسلطانت و الأوداية و أكفاي.
 عدم الشروع في بناء مؤسستين ابتدائية و إعدادية بتامنصورت في الشطر السابع بين الحرفين N و K ، مع العلم أن الساحة المخصصة للمؤسسة الإعدادية تحولت بفعل الفساد إلى مستودع لمواد البناء، مما فاقم الاكتظاظ بمدرسة رياض الحمامة و إعدادية الصنوبر و إعدادية رياض المسك. كما تجدر إلى أن جميع الأشطر تعاني من خصاص على مستوى البنية التحتية و خاصة المرتبطة بقطاع التتعليم.
وتسجل الجمعية أنه بمديرية مراكش هناك أحياء عديدة بدون مؤسسات تعليمية ابتدائية كحي الفخارة بمنطقة النخيل والزرايب، كما أن هناك مناطق بالوسط الحضري بدون مؤسسات إعدادية، أما الثانويات التأهيلية فقلتها واضحة وأحيانا يتم تشييد مؤسسات كما هو الشأن بالثانوية التأهيلية فاطمة المرنيسي والثانوية التأهيلية أبواب مراكش في نفس المنطقة المعزولة التي لاتصلها وسائل النقل الحضري.
نموذج آخر بحي الفخارة بمقاطعة النخيل الجنوبي الذي يضم كثافة سكانية مهمة و يفتقد لمؤسسة تعليمية ابتدائية تجعل التلاميذ والتلميذات، و خصوصا الأطفال الصغار منهم، مضطرين إلى عبور الطريق الرئيسية بباب الخميس عبر باب قشيش في اتجاه مدارس داخل السور كمدرسة انس بن مالك والشيماء وسيدي بن سليمان في ظروف خطيرة وغير آمنة ناهيك عن بعد المسافة.
و يندرج أيضا في باب البنية التحتية و التجهيز و بنيات الاستقبال نموذج مدرسة الطيب لمريني و الثانوية الإعدادية الإمام علي حيث ينجم عن تقارب بوابتي المؤسستين التي تم جعلهما على نفس الواجهة الأولى ازدحاما مهولا بأعداد كبيرة من التلاميذ و الآباء و الأمهات و المرافقين و المرتفقين مما يهدد بتواجد مخاطر خلال الدخول والخروج في نفس التوقيت، في غياب أطر إدارية تساعد على التنظيم وحسن التدبير للأعداد الهائلة للأمهات والأولياء أمام البوابتين وأيضا غياب السلطات للمساعدة خاصة مع تفاقم ظاهرة العنف بين التلاميذ و التي تحدث لمرات عديدة ومتكررة .أضف إلى ذلك انتشار الباعة الجائلين. كما تسجل الجمعية صعوبة ولوج الثانوية الإعدادية شوقي قبالة سوق الخميس، بسبب احتلال مدخلها ومحيطها من طرف الفراشة والباعة الجائلين.
عاينت الجمعية تلاميذ عدد من الدواوير التابعة لجماعة تسلطانت: دوار الهناوات والفضاضلة والبركات والبيحات و الذين يذهبون من الخامسة صباحا ولا يعودون حتى الثامنة مساءا بدون أكل ولا شرب لكون المؤسسة تبعد عنهم بحوالي 30 كيلو مترا.
كما وقفت عن كثب على معاناة التلميذات و التلاميذ بالثانوية التأهيلية ابن خلدون بجماعة أكفاي بسلكيها الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي، إذ لم تتمكن الخدمات الحالية للنقل المدرسي من تلبية متطلبات جميع الروافد، مما يجعل المتعلمات و المتعلمين يقطعون مسافات طويلة بوسائل نقل غير مناسبة، و هو ما يعرضهم لمشاق يومية إضافية. بالإضافة إلى عدم استفادة عدد مهم منهم من خدمات الإطعام المدرسي بسبب تقليص عدد منح الإطعام و صغر الطاقة الاستيعابية للمطعم المدرسي. ناهيك عن التعديلات المستمرة عن لاستعمالات الزمن و النقص الحاد في الأطر الإدارية و هيئة التدريس. و مما يزيد من تعميق معاناة هؤلاء التلميذات و التلاميذ صعوبة الولوج للمؤسسة خاصة في الظروف المناخية السيئة بسبب انعدام تبليط الطريق المؤدية للمؤسسة و صيانتها. الأمر الذي يزيد من احتمال ارتفاع مؤشر الهدر المدرسي.

و لا بد من الإشارة في هذا الباب إلى معاناة 175 تلميذا بالثانوية الإعدادية الإمام الشافعي بجماعة أيت ايمور الذين تحويلهم للثانوية التأهيلية يوسف بن تاشفين بسيدي يوسف بن علي في ظروف تعمق معاناة التلاميذ بإغلاق القسم الداخلي الذي يخضع لعملية الإصلاح و الترميم مثلما هو الأمر بالقسم الداخلي للثانوية التأهيلية ابن يوسف، الأمر الذي أدى إلى انقطاع عدد كبير منهم بسبب بعد المسافة بين الجماعتين، أما البعض الآخر فيضطر إلى مغادرة البيت ابتداء من الساعة الرابعة صباحا، و يضطرون للتغيب عن الحصتين الأخيرتين من الفترة المسائية.

و جدير بالذكر في هذا الصدد، أن غياب فضاءات للمكتبات المدرسية و غياب قاعات للمداومة و النقص الحاد في الأطر الإدارية و الأطر المساعدة، يعمق معاناة التلاميذ و يجعلهم عرضة للخطر عند إخراجهم في حالة غيابات بعض أطر التدريس خارج فضاءات المؤسسة .

أما فيما يهم العرض التربوي فهم لايزال هزيلا حيث بلغ الخصاص أزيد من 13 أستاذا ما بين الثانوي الإعدادي والتأهيلي في مادة الرياضيات فقط. و في نفس السياق عانى تلاميذ شعبة العلوم والتكنولوجيات الكهربائية وشعبة العلوم والتكنولوجيات الميكانيكية من خصاص في أساتذة علوم المهندس بثانوية محمد السادس التقنية. هذا مع العلم أنها مادة أساسية ومميّزة للشعبتين. كما نلاحظ أيضا الخصاص في أساتذة الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء بثانوية لمحاميد 9 التأهيلية خاصة لدى تلميذات و تلاميذ مستوى الجذع المشترك العلمي خيار فرنسية.

و تتجسد هزالة العرض التربوي بالثانوية الإعدادية الإمام الشافعي بجماعة ايت ايمور، إذ تم تقليص بنية المؤسسة التي كانت تشتغل ب 68 أستاذة و أستاذ إلى 58، مما فاقم الاكتظاظ بالمؤسسة و حرم 175 تلميذا من الدراسة بها ليتم تحويلهم لمؤسسة يوسف بن تاشفين بسيدي يوسف بن علي في ظروف تعمق معاناة التلاميذ بإغلاق القسم الداخلي الذي يخضع لعملية الإصلاح و الترميم مثلما هو الأمر بالقسم الداخلي للثانوية التأهيلية ابن يوسف…

كما يعاني العديد من تلميذات و تلاميذ السنة الثانية من سلك البكالوريا بشعبة العلوم التجريبية بمسلكيها العلوم الفيزيائية و علوم الحياة و الأرض من عدم توفر بنيات مؤسساتهم التربوية على المسلكين المذكورين، و نخص بالذكر الثانويات التأهيلية صلاح الدين و الزرقطوني و ابن تومرت وسيدي عبد الرحمان باستثناء ثانوية الخوارزمي التي تتوفر على قسمين لمسلك علوم الحياة و الأرض يتجاوز عدد التلاميذ بكل منهما 50 بالقسم الواحد.

وعلى الرغم من اللجوء إلى إعادة انتشار أطر هيئة التدريس لسدّ الخصاص و تصريف الفائض، وكذلك استنفاذ العمل بحيلة المواد المتآخية التي لا مرجع قانوني لتنفيذها. فإن التخبط والعشوائية لا تزال سيدة الموقف. والدليل على هذه الوضعية هو ارتفاع عدد الانتقالات من أجل المصلحة و التكليفات السنوية للقيام بمهام التدريس مقابل عدد المناصب اللازمة، علما بأن الخصاص لازال ضاغطا في العديد من المؤسسات و في شتى التخصصات.

كل هذا ناتج عن سوء التخطيط و التلاعب بالخرائط المدرسية والعشوائية والمزاجية والمحسوبية والزبونية التي يعرفها تدبير الموارد البشرية في غياب رئيس لهذه المصلحة لدخولين مدرسيين على التوالي.

أما في محور المؤسسات التعليمية و الدمج الاجتماعي، فإن الجمعية تسجل:

– محدودية انتشار أقسام التربية الدامجة بمديرية مراكش، و عدم تناسبها مع مختلف أنواع الإعاقة.
– غياب وسائل النقل الخاصة بالتلاميذ في وضعية إعاقة رفقة مرافقيهم.
– ضعف برنامج التكوين، نوعا و كما، الخاص بأساتذة التربية الدامجة بمديرية عمالة مراكش.
– غياب الأطر الطبية و الشبه طبية بلجان تتبع أقسام التربية الدامجة بمديرية عمالة مراكش و الاقتصار فقط في بعض الأحيان على طبيب الأمراض النفسية و العقلية.

كما لا يفوت الجمعية الإشارة إلى مجموعة من الاختلالات الخطيرة التي طالت تدبير التعليم الأولي، و المتمثلة في:
– عدم ربط التعليم الأولي بسلك التعليم الابتدائي و الاقتصار فقط على تسجيل التلاميذ عبر منظومة مسار.
– غياب التتبع و المواكبة التربوية لسير التعلمات في التعليم الأولي.
– عدم إدماج المربيات و المربين في سلك الوظيفة العمومية.
– تملص الدولة من مسؤولياتها تجاه التعليم الأولي، مثلما هو الشأن بالنسبة للدمج الاجتماعي، و اتجاهها نحو التدبير المفوض بترك هذه مسؤولية للجمعيات.
– أغلب حجرات التعليم الأولي بمديرية عمالة مراكش إما عبارة عن حجرات البناء المفكك أو حجرات مستعارة.
– ضعف حصص التكوين و التكوين المستمر لمربيات و مربي التعليم الأولي بمديرية عمالة مراكش.
– المعاناة الاجتماعية الخانقة لمربيات و مربي التعليم الأولي في الاستفادة من أجورهم الشهرية بسبب التعقيدات و التماطل و التأخير الذي تعرفه مسطرة صرف أجور هذه الفئة. إذ تنطلق هذه المسطرة بعملية صرف منحة الدولة للجمعيات المكلفة بالتسيير عبر أشطر و بشكل متأخر، قبل أن تقوم الجمعيات بصرفها. و مما يعمق من هذه المعاناة هو تعرض الأجور الهزيلة أصلا لاقتطاعات إضافية من طرف منظمات الحماية الاجتماعية..

و لا يفوت الجمعية أن تؤكد على أنه لا يمكن إعمال الحق في التعليم دون أن يوجد التلميذ و الأطر العاملة في محيط مدرسي صحي خال من العنف و يشكل مناخا ملائما للتعلم. إلا أن الدولة تحاول عمليا غض الطرف عن تنامي هذه الظاهرة في المؤسسات التعليمية، فمديرية الوزارة الوصية بعمالة مراكش لا تمتلك أية خطة عملية مخطط لها مسبقا ، باستثناء تعميم بعض المذكرات الصادرة عن الوزارة أو الأكاديمية في غياب أي تتبع لها و لبوابة مرصد التي أنشئت لهذا الغرض و لأي إجراء في إطار مقاربة ميدانية تستنفر كل الطاقات للقضاء عليها، رغم التقارير الرسمية التي تدق ناقوس الخطر فقد أنجز المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من خلال الهيئة الوطنية للتقييم، بشراكة مع منظمة اليونيسيف تقريرا يسلط الضوء على أهمية وجود بيئة مدرسية آمنة وخالية من العنف لضمان تعليم ذي جودة.

إن الأمر لا يتعلق فقط بما يقع داخل أسوار المؤسسات، فبين الفينة و الأخرى تتوصل الجمعية و يروج في الصحافة الرقمية أو مواقع التواصل الاجتماعي، شكايات و مطالبات من طرف الأمهات و الأباء بضرورة التدخل بمحيط المؤسسات التعليمية ، و التي تعرف انتشارا لأشخاص مشتبه بهم، و لمروجي المخدرات و حبوب الهلوسة و كافة أشكال المواد المخدرة، إذ تشكو العديد من المؤسسات التعليمية من غياب الأمن في محيطها، فمع بداية كلّ موسم دراسي تصبح المؤسسات التعليمية خصوصا الإعدادية والثانوية بؤرا لجذب اللصوص ومروجي المخدرات والمتحرشين واستعراضات أصحاب الدراجات النارية. هذا في الوقت الذي تقلّ فيه أو تكاد تنعدم دوريات الأمن مثلما هو الحال في تامنصورت خصوصا في محيط الثانوية التأهيلية رياض الزاهية وثانوية تامنصورت وثانوية ولي العهد والثانوية الاعدادية التشارك أو بجماعة المنارة في محيط الثانوية التأهيلية أبواب مراكش، رغم قرب العديد من المؤسسات من الدوائر الأمنية للشرطة. أضف إلى هذا ما رصدته الجمعية بالعديد من المؤسسات بسيدي يوسف بن علي و عين إيطي حيث تستفحل ظاهرة انعدام الأمن بمحيط المؤسسات التعليمية، و ينتشر الإدمان على شتى أصناف المواد المخدرة في صفوف التلاميذ ذكورا و إناثا. ومعلوم ما يمكن أن يسفر عنه استفحال هذه الظواهر من اتساع دائرة الإدمان، والاعتداء على الفتيات، و الانقطاع الدراسي في بعض الأحيان. الأمر نفسه عايناه في محيط الثانوية الإعدادية المحاميد 10 التي تعرف مع مستهل هذا الدخول المدرسي فوضى تمثلت في شتى صنوف المضايقات التي تتعرض لها التلميذات والتلاميذ، والتي تجلت في التحرش الجنسي النفسي اللفظي والجسدي، إضافة إلى الاعتداءات الجسدية التي يقدم عليها مجموعة من المنحرفين الذين يترددون على محيط المؤسسة رفقة كلاب شرسة، الوضع الذي يبث الرعب و الهلع في صفوف التلميذات والتلاميذ، مما ينذر بارتفاع مؤشر الهدر المدرسي.

ونظرا لما تعرفه جماعة سعادة بعمالة مراكش من كم هائل من الخروقات و الانتهاكات التي تضرب في العمق الحق في التعليم، فقد خصص لها هذا التقرير حيزا بوصفها نموذجا فقط ،للفشل والارتجالية وغياب العدالة المجالية والاجتماعيةإضافة إلى الحكرة والتهميش.
تضم جماعة سعادة حوالي 130 ألف نسمة وتمتد على مساحات جغرافية شاسعة تبلغ 150 كلم مربع،لتبقى رغم ذلك خارج اهتمامات المسؤولين عن الشأن التعليم، حيث تتكرر بها نفس الممارسات التدبيرية و في كل مرة بشكل أفظع و أكثر تشويها. فالثانوية الـتأهيلية الوحيدة بالجماعة هي ثانوية ابن الهيثم، حيث يبلغ عدد المسجلين بها 2000 تلميذ بالإضافة إلى لائحة تضم 200 تلميذ وتلميذة، تم تحويل الذكور منهم إلى الثانوية التأهيلية بن يوسف بعش بلارج طريق الدار البيضاء مع ضمان استفادتهم من منحة الداخلية في حين تم تحويل الإناث إلى الثانوية التأهيلية عودة السعدية بباب الدباغ بنفس شروط المنحة، لكن ظروف الدراسة والإقامة غير مرغوب فيها من طرف التلاميذ و الأمهات و الأباء.

تضم الثانوية التأهيلية ابن الهيثم 14 حجرة دراسية، و باستغلال كل مرافق المؤسسة و تحويلها إلى حجرات دراسية، ارتفع عددها إلى حوالي 20 قاعة. تعتمد هذه المؤسسة نظام التفويج حيث يشتغل الأساتذة خمس ساعات متتالية أما صباحا أو بعد الزوال، ويتم تقليص الغلاف الزمني الخاص بالتلاميذ، و هذا معناه الاشتغال بنظام ثانويتين داخل بناية واحدة، الأمر الذي يزيد أيضا من إرهاق الأطر الإدارية. وبسبب ضيق طاقتها الاستيعابية يضطر العديد من التلاميذ والتلميذات للتنقل لمراكش أو مغادرة مقاعد الدراسة.
أما في ما يتعلق بالتعليم الثانوي الإعدادي، فيمكن أن نسوق هنا ما يقع بالثانوية الإعدادية السعادة المتواجدة بحي آفاق، حيث يبلغ عدد المسجلين ما يناهز 1953 تلميذ وتلميذة، و تم استغلال جميع الحجرات إضافة إلى مرافق القسم الداخلي المغلق أصلا في وجه التلاميذ، إضافة إلى استغلال قاعة مشيدة من طرف جمعية الأمهات و الآباء خاصة بالتلميذات اللائي ينتظرن دورهن بإحدى رحلات النقل المدرسي. و رغم ذلك بلغ عدد التلاميذ بالقسم الواحد 48 تلميذا.و للإشارة فإن هذه الثانوية الإعدادية لا تتوفر على ملاعب رياضية لممارسة حصص التربية البدنية. مما اضطر جمعية الأمهات و الآباء إلى عقد شراكة مع الجمعية الرياضية لتأهيل الملاعب، كما أنها توفر الأقلام اللبدية الخاصة بأطر التدريس، و بعض الأدوات المكتبية بل و تحملت مسؤولية تأهيل وإصلاح القاعات المتضررة من زلزال شتنبر 2023.

نموذج آخر من الارتجالية تقدمه الثانوية الإعدادية عابد الجابري بحي دار السلام، إذ لم تصمم إطلاقا للاعتبارها مؤسسة تعليمية، بل تم بناؤها كمرفق اداري،إلا أنه تم تحويلها إلى ثانوية بدون مرافق أساسية خاصة الملاعب الرياضية و ساحة المؤسسة. وهي بدورها تعاني من الاكتظاظ مما جعل المديرية تعيرها حجرات دراسية بمجموعة مدراس أبي موسى الأشعري المركزية، و يستمر هذا الإجراء للموسم الدراسي الثالث مما جعل مدرسة أبي موسى الأشعري تتحول إلى مدرسة ابتدائية حاضنة للسلك الإعدادي.
أما بخصوص الثانوية الإعدادية السعديين، فتلاميذها و تلميذاتها يعيشون أوضاعا صعبة خلال هذا الدخول المدرسي بسبب تحويل الذكور منهم إلى الثانوية التأهيلية بن يوسف بعش بلارج طريق الدار البيضاء مع ضمان استفادتهم من منحة الداخلية في حين تم تحويل الإناث إلى الثانوية التأهيلية عودة السعدية بباب الدباغ بنفس شروط المنحة، و هو حل يرفضه الأمهات و الآباء ويتشبتون بمتابعة دراستة أبنائهم و بناتهم بالجماعة أي بالثانوية التأهيلية ابن الهيثم أو توسيع بنية المؤسسة (السعديين) لتحتضن على الأقل شعب مستوى الجذع المشترك.

و الغريب أن العديد من المؤسسات التعليمية الابتدائية بالجماعة تقوم بالتحويل الجماعي لتلاميذها بعد نهاية الطور الابتدائي إلى ثانويات إعدادية داخل المدار الحضري، ونسوق بعض الامثلة:

– تلاميذ مجموعة مدارس بن علال بالفخارة يتم توجيههم إلى إعدادية المنفلوطي بحي سوكوما.
– تلاميذ مدرسة بن يعكوب نحو إعدادية أبواب مراكش بجماعة المنارة.
– تلاميذ فرعية أولادأحمد و فرعية الكرن صوب العزوزية.

و هنا تسجل الجمعية بكل أسف:
• بعد المدارس الابتدائية عن التلاميذ والتلميذات بحوالي 4 إلى 5 كلم مما يعمق معاناة للتلاميذ و الأسر. كساكنة الدواوير التي يتابع أبناءهم دراستهم بمدرسة الكوثر.
• تواجد مدارس ابتدائية غير مهيكلة كمدرسة بن عيش.
• حالة مجموعة مدارس دوار الباشا المركزية مهدمة ولم تخضع للترميم.
• مدرسة رياض الزيتون تحتاج بدورها للترميم والإصلاح.
• فرعية عزيب الشيخ التابعة لمجموعة مدراس أبي موسى الأشعري بدون سياج واقي.
• حالة مدرسة تزاكورت المتضررة من الزلزال.

مع العلم أن كل المؤسسات الابتدائية بالمنطقة تفتقد إلى الربط بشبكة التطهير الصحي في حين تعتمد الإعداديات على الحفر fosse septique، وهذا في الواقع حال أغلب المؤسسات بالوسط القروي وشبه القروي.
كما لا يفوت الجمعيةأن تعبر عن رأيها تجاه النقل المدرسي الذي لا يعدو كونه حلا مؤقتا و ليس حلا جذريا لمواجهة معضلة الهدر المدرسي. فقد تضطر حافلة النقل المدرسي إلى قطع حوالي 200 كلم يوميا نظرا لتباعد الدواوير وبعدها على الثانوية التأهيلية ابن الهيثم أو الثانويات الإعدادية المتواجدة بتراب الجماعة، وخاصة الدواوير المتواجدة بالجانب الغربي للجماعة كدوار احمر، دوار بنعزوز 1و2، دوار حربيل…و هو ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الهدر المدرسي، ومؤشر التعثر الدراسي و نسب التكرار، و ما يؤثر أيضا سلبا على القدرة على التحصيل المعرفي بسبب الإرهاق، فالأطفال في هذا الوضع يضطرون إلى قضاء أوقات طويلة خارج منازلهم بعد قضاء ساعات في النقل أوانتظار مواعيد و رحلات حافلات النقل المدرسي. ولتجاوز هذه الاوضاع نقترح توسيع ىالبنية التحتية بثانوية ابن الهيثم التأهيلية، و بناء مؤسسات أخرى تشمل كافة الأسلاك التعليمية، و توفير النقل خارج نطاق النقل الحضري الزا للتلاميذ يربط بين الدواوير ذات الكثافة السكانية الكبيرة (دوار مولاي اليزبد، الزهور… ).

وإجمالا يمكن اعتبار أن قطاع التعليم بمديرية عمالة مراكش يعيش أزمة مزمنة متعددة الأبعاد بسبب السياسات المعتملة وإملاءات المؤسسات المالية و الارتجالية و العشوائية في التدبير، ويمكن أن نلمس ذلك من خلال:

 غياب استراتيجية للإصلاح وتخلف المقاربات وتعثرها .
 مراكمة التأخير والبرامج الفاشلة منذ الميثاق الوطني للتربية والتكوين. هذا التأخر حمل في حد ذاته أخطارا على دور منظومة التربية والتكوين في جعلها رافعة للارتقاء بالتنمية المجتمعية والبشرية.
 عجز المنظومة التعليمية على الصمود أثناء الأزمات، كما وقع خلال الجائحة أو الزلزال وإضرابات هيأة التدريس.
 انتشار الفساد الاقتصادي والمالي في القطاع وهشاشة آليات المراقبة وعدم نجاعتها.
 عدم الاهتمام بالجودة بشكل مطلق، والاقتصار على الرتوشات و الترقيعات المتعلقة بالبنيات والمقاربة المحاسباتية، الأمر الذي أدى إلى تغييب المناهج والبرامج و النموذج البيداغوجي.
 الفصل التعسفي بين التعليم الأولي والتعليم الابتدائي بدل دمجهما في سلك واحد.
 ضعف البنيات التحتية للمؤسسات التعليمية وافتقادها للتجهيزات وبعض المرافق الحيوية كالربط بشبكة الصرف الصحي، وهو ما له تأثير على التلاميذ، خاصة الفتيات،
 غياب المرافق الصحية ، يشكل إشكالا حقيقيا من حيث وقعه على المتعلمين بشكل عام، وبصفة خاصة على الفتيات، ويتجلى عموما في التأثير على الصحة بانتشار الأمراض، و التأثير العدالة المجالية في التعليم.
 بعد المؤسسات التعليمية عن التجمعات السكانية يعد من الإشكالات التي تعيق إعمال الحق في التعليم وقد يسبب تعثرات أو انقطاعات عن التمدرس و يرفع من مؤشرات الهدر المدرسي.
و لا يفوت الجمعية و هي تختتم تقريرها السنوي للدخول المدرسي 2024-2025 أن تتقدم ببعض التوصيات الفورية و العاجلة:
 الضرورة الملحة لاعتماد استراتيجية مضبوطة وتخطيط مسبق مبني على المؤشرات من أجل الضبط العلمي المدروس لحركية الأطر الإدارية وأطر هيئة التدريس، تفاديا لأوضاع الفائض و الخصاص والتصريف و إعادة الانتشار.
 توفير الشروط المناسبة لعمل هيئة الإدارة التربوية في جميع المؤسسات، وتوفير الأطر الإدارية والمختصة الكافية في كل مؤسسة. .
 تعميم التعويضات العائلية على جميع المتمدرسين و الرفع من قيمتها.
 اعتبار النقل المدرسي إجراء مؤقتا وليس دائما. و العمل في مقابل ذلك على توسيع العرض المدرسي وتقريبه بجميع مستوياته من التجمعات السكنية.
 تدارك الخصاص في بنيات الاستقبال و البنية التحتية و التجهيز على مستوى عمالة مراكش من خلال عملية التصرف في المؤسسات المغلقة في المدينة العتيقة وتحويل المستخلص لبناء مؤسسات جديدة.
 الإسراع في بناء الثانويات التأهيلية المبرمجة بكل من دوار ازكي ، السويهلة، سيد الزوين، وبناء ثانويات إعدادية و تأهيلية جديدة بكل من المحاميد و أحياء المسيرة وعين ايطي و دوار الكدية وحي الآفاق بجماعة اسعادة وجماعة اكفاي.
 العمل على تدارك الخصاص في المؤسسات الإعدادية بكل من جماعة السويهلة، مدينة تمنصورت، جماعة اكفاي، وبعض أحياء المحاميد و جليز التي تعرف طفرة عمرانية.
 وعموما فإننا نوصي بتدارك العجز في عدد المؤسسات خاصة الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي والذي نقدر حجمه في حوالي 18 مؤسسة ،هذا الخصاص ناتج أساسا عن تخلي الدولة عن بناء مؤسسات مبرمجة ضمن برنامج مراكش حاضرة متجددة، وأخرى تم التخلي عن بناءها أو التقاعس أو التغاضي عن ذلك.
 محاسبة ومساءلة المسؤولين عن تعثر أو اقبار مشاريع إحداث مؤسسات تعليمية كانت مبرمجة ولم يتم بناءها لحد الموسم الدراسي الحالي.
 إخراج بعض المناطق بالمدينة من العزلة في مجال التعليم كحي الزرايب والفخارة ببناء مؤسسة للتعليم الابتدائي والأولي، و بناء مدارس ابتدائية ببعض الدواوير بجماعة حربيل خاصة تلك التي تعرف ارتفاعا في الكثافة السكانية.
 تفادي استعارة الأقسام من مؤسسات ابتدائية لفائدة مؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي.
 وقف عبث إحداث أقسام للجذع المشترك و الأوليات بكالوريا بثانويات إعدادية.
 احترام وضمان الغلاف الزمني لكل المتمدرسين عبر وقف صيغة العمل بالتوقيت الثلاثي.
 إعادة العمل بالمكتبات المدرسية وإغنائها بالكتب والمقررات ىالدراسية وتوزيعها على التلاميذ المستحقين لها.
 وقف أية عملية تجعل من مالية جمعيات الآباء و الأمهات و الأولياء موارد مالية للترميم و التجهيز والإصلاح والبناء، التي تبقى مسؤولية الوزارة الوصية على القطاع، و جعل مداخيلها في خدمة أنشطة التلميذ فقط.
 الفصل في عمليتي التسجيل و إعادة التسجيل بين الانخراط في جمعية الآباء و آداء رسوم التسجيل.
 توظيف كل الإمكانيات المالية والتربوية والأطر للقضاء على الاكتظاظ والعمل بقوة على رفع جاذبية المدرسة العمومية باعتبارها الرافعة الأساسية لإعمال الحق في تعليم متكافىء وجيد ومجاني للعموم.

و على سبيل الختام، تسجل الجمعية بناء على المؤشرات وما رصدته من وقائع وخروقات، أن الدخول المدرسي موسوم بالتعثر والارتجالية وأن إعمال الحق في التعليم يتراجع ويتقهقر في مسار انحداري، وأن المدرسة العمومية تدفع ابناءها من الفئات الفقيرة والهشة إلى الهدر واستدامة أوضاع أسرها.

كما تخلص الجمعية أن السياسة التعليمية تستوجب ليس فقط الإصلاح بل تقتضي المحاسبة والمساءلة خاصة فيما يتعلق بالتراجع أو التأخر عن بناء بنيات الاستقبال من مؤسسات تعليمية وداخليات وتوفير عرض مدرسي في المتناول، مجاني والزامي .

وتدعو إلى فتح التحقيقات وترتيب الآثار القانونية والإدارية المناسبة حول فضيحة تسجيل تلاميذ خارج جماعاتهم الترابية بعد انتقالهم من الابتدائي والاعدادي، وفضيحة التلاميذ الذين ينقلون يوميا من ايت ايمور صوب ثانوية يوسف ابن تاشفين بسيبع. إضافة إلى الفضائح المرتبطة بالتلاعب بالخرائط المدرسية أثناء تدبير عملية سد الخصاص وإعادة انتشار الفائض، فلا يعقل أن تعرف ثانوية المغرب العربي بالمحاميد خصاصا مع بداية الدراسة محدد في 15 استاذ .

كما يجب فتح التحقيقات ومحاسبة المسؤولين عن تعثر الدراسة وحرمان مجموعة من التلاميذ من التسجيل ،و وجود ما يسمى لوائح الانتظار وكأننا أمام مباراة أو التسجيل في مؤسسات ذات الاستقطاب المحدود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى