اتهمتهم بتكوين عصابة إجرامية.. هيئة تطالب بتحريك المساطر القانونية بحق أصحاب شركات المحروقات
وجّهت “الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب” تبليغا إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء، تطالب من خلاله بفتح بحث عاجل ومدقق، بخصوص المعطيات التي رصدها خبراؤها بشأن الجرائم المسجلة في سوق الوقود بالمغرب والمرتكبة من طرف مسؤولي شركات تنشط في الأسواق الوطنية للتموين والتخزين وتوزيع البنزين والغازوال، بعد تحرير القطاع من طرف الحكومة المغربية سنة 2015.
و أكدت الهيئة الحقوقية في معرض رسالتها التي توصلت صحيفة “المراكشي” بنسخة منها، أن “هذا التبليغ تماشيا مع أدوارها في رصد وتتبع وفضح لكل الخروقات والجرائم التي تمس بمبادئ الحكامة الجيدة والشفافية والنزاهة وتخليق الحياة العامة، وانسجاما مع الأولويات المنوطة بمؤسسة النيابة العامة ببلادنا في مكافحة الجريمة المنظمة والفساد الذي يعتبر آفة تهدد مختلف مخططات التنمية وتقوض سيادة القانون وتضعف ثقة المواطنين والمستثمرين في المنظومة القانونية والمؤسساتية الوطنية”.
واتهمت الهيئة هاته أصحاب هاته الشركات بمخالفتهم مقتضيات المادة 6 من القانون رقم 104-12 والذي ينص على أنه تحظر جميع الاتفاقات التي يكون الغرض منها أو يمكن أن يترتب عنها عرقلة المنافسة، أو منعها أو تحريف سيرها في سوق من الأسواق المغربية لاسيما عندما تهدف إلى الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة للمنافسة من لدن منشأة أخرى، عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الاليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها، حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمارات أو التقدم التقني وتقسيم الأسواق أو مصادر التموين أو الصفات العمومية.
و أضافت الهيئة أن “تحرير سوق الوقود بالمغرب من طرف الحكومة جاء في إطار التوجهات الإستراتيجية للدولة من أجل تحرير الاقتصاد وترسيخ قواعد صلبة ومستدامة لنظام اقتصادي متمكن ومستقل، إلا أن أفراد هاته العصابة من مسؤولين بعدة شركات تنشط في القطاع، والمشاركين إلى جانبهم بالتستر على هاته الجرائم سيستغلون الإجراءات الحكومية المعتمدة في تحرير القطاع سنة 2015 ووضعيتهم كفاعلين اقتصاديين العرقلة الممارسة الحرة والشريفة في سوق الوقود بالمغرب وجعله نشاط متواطأ بشأنه و مشبوه ولا يحترم التشريعات والقوانين المنظمة، بما فيها القيام بالبيع المتنقل والعشوائي في سبيل تحقيق أرباح غير مشروعة وفاحشة على حساب سمعة وتنافسية الاقتصاد الوطني، وفقا للتحليل وخلاصات التقرير التركيبي للمهمة الاستطلاعية البرلمانية حول أسعار المحروقات وشروط المنافسة بعد قرار التحرير والصادر في فبراير 2018″.
وأشارت الهيئة إلى هؤلاء الذين وصفتها بـ”الخارجين عن القانون ” سيستمرون في استغلال نفوذهم و غياب تدخل الجهات الوصية على القطاع لتحقيق مزيد من الأرباح وفقا لمعطيات رسمية صادرة عن مؤسسة دستورية أخرى وهي مجلس المنافسة، حيث أشار بلاغ رسمي صادر عن المقرر العام للمجلس بتاريخ غشت 2023 مؤاخدة 9 شركات تنشط في أسواق التموين والتخزين وتوزيع الغازوال والبنزين والمنظمة المهنية لهاته الشركات مخالفة مقتضيات المادة 6 من القانون 104-12 ، واتهامها بممارسات محظورة ومخلة بمبادئ المنافسة الحرة والشريفة في السوق، وهي الممارسات التي لم يتم نفيها و سيتم الإقرار بارتكابها من طرف ممثلي هاته المنشأت بعد تسجيل عدم اعتراضهم عن صحة المؤاخذات المبلغة لهم من طرف المجلس وذلك وفقا للمعلومات التي توصل بها خبراء الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية والمؤرخة في 23 فبراير 2024 تحت عدد 2024/157 من طرف رئيس مجلس المنافسة.
ولفتت الهيئة إلى أن “هاته السلوكيات الإجرامية لأفراد هاته العصابة في سوق الوقود نتج عنها وبشكل مباشر تبديد للمال العام وبمبالغ طائلة: ما يناهز 7.4 مليار درهم من الميزانية العمومية كدعم استثنائي لمهنيي النقل خلال سنتي 2022 و 2023 في إطار تدابير حكومية تهدف للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين و استتباب الأمن الاجتماعي للمملكة بعد الزيادات المتتالية والمتكررة والمفتعلة في نفس التوقيت الذي عرفه السوق عن تلك الفترة، لتكشف الوقائع والمعطيات ومختلف التقارير أن صرف هذا الدعم من ميزانية المواطن طيلة تلك الفترة قد صرفت بشكل استثنائي عن أسعار غير حقيقية ومتواطأ بشأنها”، معتبرة أن هذا الأمر خطير يستوجب المحاسبة والمسائلة في هدر ميزانية ضخمة من المال العام، خصوصا أن الدولة حددت توجهاتها بتوقف نهائي عن صرف أي دعم لأسعار الوقود لفائدة المواطنين في السوق للحفاظ على الميزانية العمومية وتشجيع الاستثمار والتنافسية الحرة، ليتم صرف هذا الدعم لفائدة تحصيل مزيد من الأرباح الفاحشة والغير مشروعة من طريق النصب والغش والتدليس والتزوير على الدولة والمستهلكين، بالإضافة إلى تسجيل تبادل المعطيات فيما بينهم على حساب المصالح العليا للبلاد، وقهر الناس وتفاقم البشاشة وغلاء الأسعار وضرب قدريم الشرائية وللس بمستوى حياتهم المعيشية، وخلق اضطرابات في المجتمع وقلاقل كلف التدخل الأمني فيها مزيد من إهدار المال والجهد واحتجاجات اجتماعية بعدة مناطق بالمملكة.
والتمست الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب من الوكيل العام للملك إصدار تعليماته بفتح بحث عاجل ومعمق بالتنسيق مع جميع المؤسسات العمومية ذات الصلة بخصوص هاته الوقائع، والتي يعاقب عليها القانون الجنائي بأشد العقوبات وترتيب الآثار القانونية لذلك، وتفعيل مقتضيات المادة 482 وما يلها والتي تخص حماية الضحايا الشهود والخبراء والمبلغين عن الفساد والمنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية المغربي.
وطالبت الوكيل العام بتفعيل جميع صلاحياته من أجل الدفاع عن الحق العام ومكافحة الفساد ومحاربة الجريمة، وذلك باتخاذ التدابير الاحترازية أو التحفظية الضرورية ضد المتورطين في هاته الجرائم لاسيما إغلاق الحدود أو المنع من السفر أو الحجز على ممتلكاتهم وكذا المشاركين إلى جانبهم.