محكمة الإستئناف: قررت غرفة الجنايات الإستئنافية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الإستئناف بمراكش، اليوم الخميس 18 يوليوز الجاري، تأييد الحكم الإبتدائي الصادر في حق السعيد أيت المحجوب، النائب الأول رئيس مجلس مقاطعة جليز، الشهير بلقب ”بورزان”.
وكانت غرفة الجنايات الإبتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الإستئناف بمراكش، أدانت في جلستها ليوم الجمعة 17 ماي الجاري، السعيد أيت المحجوب بثلاث سنوات حبسا نافذا، وغرامة قدرها 150 ألف درهم.
ويتابع المتهم في حالة اعتقال من أجل جنايتي “الإرتشاء عن طريق طلب وقبول عروض من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته، وتلقي فائدة من استغلال مباشر يتولى الإشراف عليه”، وجنح “استغلال النفوذ عن طريق تمكين أشخاص من خدمة تمنحها السلطة العمومية والغدر، والتدخل بغير صفة في وظيفة عامة من إختصاص ( اللجنة المختلطة ) في منح الرخص”، وهي التهم المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 248 – 250 – 243 – 245 – 380 من القانون الجنائي.
و وفق المعطيات التي توصلت بها صحيفة “المراكشي”، فقد جاء متابعة “بورزان” النائب الأول لرئيس مقاطعة جليز عن حزب الأصالة والمعاصرة، على إثر الأبحاث التي باشرتها عناصر الشرطة القضائية بتعليمات من النيابة العامة في شأن وشاية توصلت بها عناصر الفرقة المذكورة شهر شتنبر 2020، مفادها أن نائب رئيس مجلس مقاطعة جليز، يستغل التفويض الممنوح له في مجال الرخص الإقتصادية وكذا رخص شواهد المطابقة في ميدان التعمير، من أجل منح رخص إقتصادية لمحلات تنعدم فيها الشروط القانونية المطلوبة، على غرار الترخيص بإقامة صالونات للحلاقة في شقق سكنية، و الترخيص لمقاهي داخل بنايات صادرة في حقها قرارات الهدم من قبل السلطة المحلية، علاوة على منح رخص المطابقة لمنازل لازالت في طور البناء تتخللها العديد من المخالفات التعميرية، ويحصل مقابل ذلك على رشاوى تتراوح قيمتها مابين 30.000.00 درهم و 40.000.00 درهم، مما مكنه من الإغتناء بطرق غير مشروعة، كما جاء في الوشاية بأن المستشار الجماعي المذكور يمنح رخص إقتصادية لمقاهي وحمامات وصالونات دون إيفاد اللجنة المختصة في هذا النوع من الرخص، مشيرة إلى أن أرشيف مجلس مقاطعة جليز لا يتوفر على الوثائق الخاصة بالرخص التي وقعها المعني بالأمر.
وبناء على تعليمات النيابة العامة تم الإستماع للمتهم من طرف عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية في ماي 2022 ودجنبر 2023، ليتم إحالته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف الذي أمر بإعادة ملف الرخص الإقتصادية التي شابتها اختلالات بمجلس مقاطعة جليز إلى الفرقة الجهوية للشرطة القضائية لإتمام البحث، حيث تمت إحالته من جديد في الخامس والعشرين من يناير 2024 بعد البحث معه على الوكيل العام، كما تم الإستماع لرئيس مجلس مقاطعة جليز السابق عبد السلام السيكوري، وموظفة بنفس المقاطعة، حيث قرر الوكيل العام إحالته على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لإجراء تحقيق في مواجهته مع ايداعه السجن رهن الإعتقال الإحتياطي، وهو الملتمس الذي استجاب له قاضي التحقيق حيث تم ايداعه السجن المحلي لوداية بعد استنطاقه ابتدائيا.
وقد أنتج التحقيق التفصيلي أدلة كافية على ارتكابه “جناية الإرتشاء عن طريق طلب وقبول عرض من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفتهه” حيث أن المتهم المذكور الذي كان يتوفر على تفويض في مجال منح التراخيص ذات الطابع الاقتصادي والتجاري بمقاطعة جليز إلى غاية شهر مارس سنة 2020 ، قبل سحب منه هذا التفويض من طرف رئيس مقاطعة جليز آنذاك، ورغم نفيه في سائر مراحل البحث والتحقيق تسلمه أية مبالغ مالية مقابل تسليمه تراخيص ذات طابع إقتصادي وتجاري لفائدة طالبيها، غير أنه بالرجوع إلى شهادة “أحمد، ش” خلال مرحلة التحقيق الاعدادي، أكد بأنه سلم لفائدة المتهم مبلغا يتراوح بين 13.000 درهم و 14.000 درهم بناء على طلبه، لكي يمنحه ترخيصا بإستغلال محل للجزارة، وهي الشهادة التي تعزز القرينة المتعلقة بمجموعة من التحويلات المالية التي قام بها أشخاص لم يتذكرهم المتهم ولم يقدم هوياتهم، وكذا الايداعات النقدية التي تم ضخها في الحساب البنكي للمتهم البنكي والتي تجاوزت قيمتها مبلغ 100.000.00 درهم بكثير، دون أن يبرر هذه التحويلات المالية والايداعات النقدية بأدلة ذات مصداقية، وهو ما يفيد بتحقق قرائن ذات أسس قانونية، في كونها متحصلة من مبالغ مالية كرشوة، كان يتم ضخها في حسابه البنكي ومقابل تسليمه لفائدة مجموعة من الأشخاص تراخيص تتعلق بمختلف الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بها، وما يعزز هذه القرائن كذلك أن هذه الرخص التي كان يسلمها المتهم كانت لاتحترم المسطرة المعمول بها في هذا الاطار، كما أنه لم يتم أداء واجبات البحث المتعلقة بها، مما يكون معه المتهم قد ارتكب جناية الإرتشاء علاوة على جناية “تلقي فائدة من إستغلال مباشر يتولى الإشراف عليه وجنحة إستغلال النفوذ عن طريق تمكين أشخاص من خدمة تمنحها السلطة العمومية”، وذلك من خلال قيامه باستغلال وظيفته لتلقى فوائد كثيرة تتجلى في رشاوى كما كان يستغل نفوذه الحقيقي كعضو نائب لرئيس مقاطعة جليز مفوض له مرفق منح الرخص الاقتصادية، من أجل الحصول على مزايا ومنافع تتجلى في المبالغ المالية التي كان يتسلمها من المستفيدين من الرخص التي كان يوقعها لفائدتهم وهي المعطيات المعتمدة للقول بإرتكابه الأفعال المذكورة ومتابعته من أجلها.
كما وقف التحقيق على أن المتهم و وفق تصريحاته نفسه كان يمنح مجموعة من الرخص الاقتصادية البالغ عددها 193 رخصة دون أداء واجبات البحث المفروضة على الرخص الاقتصادية المحددة حسب الفصل 55 من القرار الجبائي عدد 6 بتاريخ 19 ماي 2008 في 160 درهما، وهو ما يعني بأنه كان يعفي المستفيدين من هذه الرخص من أداء هذه الواجبات، ليكون مرتكبا لجنحة الغدر، إضافة إلى “جنحة التدخل بغيرصفة في وظيفة عامة من إختصاص لجنة منح الرخص”، حيث تبين من وقائع التحقيق وكذا تصريحات المتهم وشهادة الشاهدين عبد السلام سي كوري والموظفة “نعيمة، م” بأن المتهم السعيد أيت المحجوب كان يوقع على وصولات التصريح لمزاولة أنشطة إقتصادية دون إيفاد لجنة مختصة، حيث أكد المتهم نفسه بأنه فعلا قام بالتوقيع على مجموعة من الوصولات بالتصريح في نفس اليوم الذي تم إيداع الطلب فيه، ودون إيفاد لجنة مختلطة لمعاينة تلك المحلات موضوع طلب الترخيص، معتبرا أنه من حقه أولا كنائب رئيس مجلس مقاطعة جليز مفوض له منح الرخص الاقتصادية، أن يمنح تلك الرخص دون إيفاد اللجنة المختلطة من أجل المعاينة على اعتبار أن منح تلك الرخص من إختصاص رئيس مقاطعة جليز وليس أعضاء لجنة المعاينة، كما كان يوقع على هذه التراخيص بالرغم من رفض اللجنة المختلطة للطلبات المتعلقة بها، ليتضح أن المتهم كان يتولى بالإضافة إلى إختصاصاته كنائب مفوض له، تقمص دور اللجنة المختلطة التي من صلاحياتها معاينة المحل موضوع طب الترخيص أو التصريح من أجل مراقبة مدى توفره على المعايير المطلوبة لمزاولة النشاط موضوع الطلب، وبذلك يكون قد تدخل بدون توفره على أية صفة في صلاحيات وإختصاصات هذه اللجنة.