جنايات فاس توزع 94 عاما سجنا على متهمين بالسطو على أراضي الدولة والخواص
أسدلت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، في الساعات الأخيرة من ليلة الثلاثاء، الستار على ملف أفراد شبكة متهمة بالسطو على أراضي الدولة والخواص.
وقضت هيئة المحكمة بإدانة المتهمين بأكثر من 94 سنة من السجن النافذ، إضافة إلى غرامات مالية وتعويضات لصالح وزارة الداخلية وإدارة الضرائب، وتأتي هذه الأحكام بعد سلسلة من التحقيقات التي استمرت لشهور وأظهرت حجم التورط في عمليات النصب والتزوير التي تعرضت لها الأراضي والعقارات.
وكانت النيابة العامة قد وجهت تهمًا خطيرة لثلاثة وثلاثين متهماً، من بينهم قاضي توثيق، ومحامٍ بهيئة مكناس، ومستشار جماعي، وعدول وأعوان عرضيين. وشملت التهم “تكوين عصابة إجرامية”، و”التزوير في محررات رسمية”، و”استعمال وثائق مزورة”، بالإضافة إلى تهم أخرى تشمل “النصب” و”استغلال النفوذ”، و”التهريب” و”التحايل على القانون” عبر تحريف الوثائق والإدلاء بشهادات كاذبة.
وكان الحكم على زعيم الشبكة، الذي تم توقيع 10 سنوات سجناً نافذاً بحقه، بمثابة رسالة قوية للمسؤولين عن مثل هذه الشبكات. واعتبرت المحكمة أن مثل هذه الأنشطة لا تؤثر فقط على الملك العام والخاص ولكن تضر أيضاً باقتصاد الدولة، ما يفرض تشديد العقوبات.
أما باقي المتهمين فقد تراوحت أحكامهم بين 3 إلى 8 سنوات سجنا نافذا، بينما تم الحكم على محامٍ من هيئة مكناس بـ5 سنوات سجناً نافذاً، وهي مدة كبيرة من شأنها أن تعكس جدية القضاء في محاربة الفساد.
إلى جانب هذه الأحكام، قررت المحكمة تعويض وزارة الداخلية بمبلغ 800 ألف درهم، وذلك لتغطية الأضرار التي لحقت بالأراضي المستولى عليها، إضافة إلى تعويض إدارة الضرائب بمبلغ 59,844 درهم، وهو ما يعكس تعهد الدولة بحماية الممتلكات العامة والخاصة.
أما بالنسبة للتحقيقات الأمنية، فقد أوضحت المديرية العامة للأمن الوطني أن عمليات توقيف المشتبه فيهم بدأت منذ منتصف أكتوبر 2023. وقد تم تنفيذ هذه العمليات بتعاون بين الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وعدد من الأجهزة الأمنية في مختلف المدن المغربية مثل فاس، وإيموزار كندر، وصفرو، وورزازات وغيرها. وأظهرت التحقيقات تورط 25 شخصًا في تزييف وثائق ملكية الأراضي، واستخدام شهود زور في محاولة للاستيلاء على أراضٍ تخص الدولة أو الأفراد، وخاصة الأجانب.
التحقيقات لم تقف على التزوير فقط، بل شملت أيضًا عمليات نصب طالت بعض الأشخاص الراغبين في الهجرة إلى الخارج. هؤلاء تعرضوا لعمليات احتيال، حيث تم جمع مبالغ مالية مقابل وعود كاذبة بتوفير تأشيرات وعقود عمل بالخارج.
عمليات التفتيش أسفرت عن اكتشاف وثائق مزورة، بما في ذلك عقود ملكية وأوراق تأشيرات مزورة، وهو ما يدل على أن الشبكة كانت تعمل على مستوى واسع في ميدان التزوير والاحتيال.
ويعد القرار القضائي الأخير خطوة مهمة في التصدي لظاهرة السطو على أراضي الدولة، التي تُعد من أهم القضايا الاقتصادية والاجتماعية في المغرب. وهو يعكس التزام المملكة بمحاربة الفساد ومكافحة شبكات التزوير، وهو ما يتماشى مع السياسة العامة للدولة في تحسين مناخ الأعمال وضمان حقوق المواطنين.