هذا موعد بدء محاكمة “إمبراطور بوزنيقة” كريمين وعزيز البدراوي الرئيس السابق للرجاء الرياضي
حدد الوكيل العام للملك باستئنافية الدار البيضاء، منتصف شهر شتنبر المقبل، موعدا لبدء أول جلسة علنية لمحاكمة كل من محمد كريمين، رئيس جماعة بوزنيقة والبرلماني السابق عن حزب الإستقلال، وعزيز البدراوي، صاحب شركة “أوزون” للنظافة، والرئيس السابق لفريق الرجاء البيضاوي، بعد الانتهاء من مراحل التحقيق التفصيلي معهما في قضية شكاية تحدثت عن وجود شبهات تبديد أموال عمومية.
وكان قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قرر في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة تاسع فبراير المنصرم، إيداع محمد كريمين، وعزيز البدراوي، السجن المحلي بعين السبع “عكاشة” على ذمة التحقيق في انتظار الشروع في استنطاقهما تفصيليا.
ومنذ إيداعهم السجن، خضع الثلاثة لتحقيقات تفصيلية منذ فبراير، وتم الاستماع أيضا إلى أحد المستشارين اللذين وضعا الشكاية.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء، استمع لكريمين والبدرواي بشأن شبهة تلاعبات في صفقة النظافة بجماعة بوزنيقة التي كان يرأسها كريمين قبل عزله من طرف وزارة الداخلية، حيث قرر إحالتهما على قاضي التحقيق لدى نفس المحكمة مع تحرير ملتمس بإجراء تحقيق معهما وإيداعهما السجن وهو الملتمس الذي استجاب له قاضي التحقيق.
وسبق للوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء، أن قرر تمديد تدابير الحراسة النظرية في حق كل من محمد كريمين، وعزيز البدراوي، لمدة 48 ساعة أخرى، على خلفية تهم تتعلق بشبهة “اختلالات بصفقة للنظافة” بالجماعة الترابية المذكورة.
وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، أحالت يوم الثلاثاء سادس فبراير المنصرم، المتهميْن؛ على الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء، حيث تم الإستماع اليهما قبل أن يقرر الوكيل العام تمديد فترة إخضاعهما للحراسة النظرية.
وقد تم إعادة الملف إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من أجل تعميق البحث معهم في حالة اعتقال، في شأن تهم موجهة إليهم، تتعلق بـ“تبديد أموال عمومية والرشوة واستغلال النفوذ”.
وكانت عناصر الفرقة الوطنية أوقفت البرلماني السابق كريمين من داخل غرفته في مصحة خاصة بالرباط، حيث كان يرقد بعد توصله باستدعاء للحضور أمام المصالح الأمنية، حيث تم اقتياده إلأى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، للتحقيق معه، فيما قدم البدراوي نفسه لمصالح الفرقة الوطنية.
وجاء متابعة المتهميْن على خلفية الشكاية التي وضعها مستشاران جماعيان أمام النيابة العامة في شهر نونبر 2022، أشارا فيها إلى وجود شبهة “تبديد المال العام وارتكاب خروقات مالية وتدبيرية” عبر فترتين، الأولى بين 2010 و2017 والأخرى بعد 2017.
وبحسب مضمون الشكاية، عدّل المجلس الجماعي، على عهد كريمين، ميزانية التدبير المفوض وتم تخفيضه إلى 8 ملايين درهم عوض 14 مليون درهم، لكن في سنة 2015 تبين أن الاعتمادات تفوق 15 مليون درهم، وفي سنة 2016 وصلت إلى 20 مليون درهم، بمبرر أنه قرار عاملي ودينٌ سابق على المجلس لشركة “أوزون”.
الشكاية أشارت إلى أن الرئيس المعزول، وقّع محضرا لتحويل مبلغ 20 مليون درهم إلى حساب الشركة، وبعد ذلك تنازلت الجماعة عن الآجال القانونية للخازن الجهوي لصالح الشركة، بالإضافة إلى مراجعة الأسعار بدعوى تغيير مكان مطرح النفايات.
كما رصد واضعو الشكاية ما اعتبروه “خروقات في دفتر التحملات”، من قبيل التباين بين الأثمنة الأحادية والأثمنة المعتمدة في جدول الحساب الإجمالي، وخلط النفايات المنزلية بالأتربة ومخلفات الأوراش قبل توجيهها نحو المطرح الرسمي.
كما رصدوا، بحسب مضمون شكايتهم، أن هناك مبالغ ضخمة مقارنة مع حجم النفايات التي يتم جمعها، وبالمقارنة مع مدن أخرى.
الشكاية قالت إنه في سنة 2017 رست صفقة تدبير النظافة مرة أخرى على نفس الشركة، ورغم المصادقة بالإجماع على دفتر التحملات تم تعديله فيما بعد دون العودة إلى المصادقة في المجلس، وهو ما دفع وزارة الداخلية لمراسلة الجماعة لإدخال تعديلات بناء على ملاحظاتها لكن لم يتم الأخذ بها.
وأشارت إلى أن “نسبة 2.085 كلغ/ فرد/ یوم المعتمدة في الصفقة “مرتفعة قیاسا مع متوسط الإنتاج الوطني (0.8 كلغ)، وهو الأمر الذي یعطي أبعادا مغلوطة للمشروع”، معتبرة أن الأجر السنوي الذي قدر في الصفقة بـ14 مليونا و481 ألفا و650 درھما لإنتاج 11882 طنا في سنة، (حوالي 1218 درھما للطن) مرتفع جدا مقارنة مع أسعار عقود مماثلة على الصعید الوطني.
ولفتت إلى أن وزارة الداخلية راسلت رئيس المجلس البلدي المعزول، مطالبة إياه بتقليص مؤشر النفايات لكل مواطن في اليوم، المعتمد لحساب عدد الأطنان المنتجة في السنة ليتساوى مع المؤشر الوطني، إلا أنه رغم تقليص المؤشر بأكثر من 60%، بقيت الصفقة ثابتة، حيث تم الرفع من عدد سكان بوزنيقة من 40691 نسمة إلى 55691 نسمة خارج فصل الصيف، وإلى 135691 خلال فترة الصيف لسنة 2017، لتضخيم حجم النفايات، وتم تغيير مؤشر النفايات غير المنزلية من مؤشر بعدد الكيلوغرامات في اليوم لكل مواطن إلى عدد الأطنان في السنة، والهدف من هذا، حسب الشكاية ذاتها، “بقاء قيمة الصفقة في حدود مليار و500 مليون سنتيم، عوض 900 مليون سنتيم”.
الشكاية ذاتها أوضحت أن الصفقة نالتها الشركة مقابل أكثر من 15 مليونا و530 ألف درھم، وأنه وبعد تمرير الصفقة كان لزاما على الرئيس عرضها على المجلس مرة أخرى من أجل المصادقة البعدية، كما نصت عليه دورية لوزارة الداخلية في الموضوع، إلا أنه لم ينعقد.
وتم تعزيز الشكاية بأشرطة فيديو توثق لخلط النفايات بالأتربة، وشهادات عاملين بالشركة، ودوريات لوزارة الداخلية ودفتر التحملات لما بعد وما قبل ملاحظات وزارة الداخلية إلى جانب محاضر فتح الأظرفة.
ويشار إلى أن المحكمة الإدارية للدار البيضاء كانت أصدرت قرارا في 3 ماي 2023، بعزل محمد كريمين رئيس جماعة بوزنيقة محمد كريمين، من منصبه إثر شكاية حول شبهة وجود “خروقات في تدبير قطاع النظافة وتضارب في المصالح”، ليقرر تقديم إستقالته من مجلس النواب قبل صدور قرار المحكمة الدستورية بتجريده من عضوية البرلمان، بعدما أحال مكتب مجلس النواب ملفه من أجل اتخاذ المتعين بشأنه، منذ إصدار قرار عزله من رئاسة جماعة بوزنيقة.
ويتابع كريمين في ملف آخر في المحكمة ذاتها، إذ سيمثل أمام قاضي التحقيق في الخامس من شتنبر المقبل.