Site icon Almarrakchi

خبراء يتدارسون موضوع البحث الأركيولوجي لفترات ما قبل التاريخ بالصويرة

شكل موضوع “20 سنة من البحث الأركيولوجي لفترات ما قبل التاريخ بالصويرة” محور مائدة مستديرة نظمت اليوم الأربعاء بدار الصويري بمدينة الرياح.

وخلال هذا اللقاء العلمي، المنظم من قبل المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، بتعاون مع جامعة أريزونا وجامعة إيكس مرسيليا، بتنسيق مع المديرية الإقليمية للثقافة، وجمعية الصويرة-موكادور، وشركة التنمية المحلية “الصويرة ثقافة فنون وتراث”، ق د مت آخر الاكتشافات الناتجة عن الحفريات التي أجريت على مستوى المواقع الأثرية بيزمون وجرف الحمام، بالإضافة إلى مسوحات أثرية أخرى بالمناطق المجاورة.

وشكلت هذه التظاهرة العلمية فرصة للمشاركين لتسليط الضوء على أنماط العيش والتنقلات وأوجه التفاعل بين سكان ما قبل التاريخ في الصويرة.

واستعرض مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، عبد الجليل بوزوكار، في كلمة بالمناسبة، إنجازات برنامج الأبحاث الذي انطلق قبل عقدين، وأسفر عن تحديد أكثر من 300 موقع أثري في إقليم الصويرة، بينما حدد حوالي 30 موقعا فقط في بداية الأشغال.
وأبرز أن “النتائج المحققة مهمة، خاصة اكتشاف أقدم حلي بالعالم داخل مغارة بيزمون، والتي يعود تاريخها إلى ما بين 142 ألف و150 ألف سنة، بالإضافة إلى أدوات من الصوان ولقى تشير إلى وجود بشري يعود إلى مليون سنة تقريبا”.

وأضاف أنه “بالقرب من الصويرة، تم العثور على أدوات يعود تاريخها إلى حوالي مليون سنة، ما يعيد تشكيل فهمنا لتاريخ البشرية في المنطقة”، معتبرا أن هذه الاكتشافات تشهد على التاريخ العريق لمدينة الصويرة، التي لعبت دورا مهما في تاريخ المغرب والبشرية جمعاء.

وأشار بوزوكار، من جهة أخرى، إلى أن هذا اللقاء الدولي يشكل أيضا فرصة للاستماع إلى الجيل الجديد من الباحثين، وخاصة طلبة الدكتوراه، وتشجيعهم على مشاركة أعمالهم مع العموم.

من جانبه، قدم المتخصص في الجيولوجيا وفي حقبة ما قبل التاريخ، جاك كولينا-جيرار، مداخلة بعنوان “مضيق جبل طارق: نقطة هجرة بشرية بين أوروبا وإفريقيا”، استعرض من خلالها الدور الرئيسي الذي لعبته هذه المنطقة الإستراتيجية في التحركات البشرية والحيوانية في فترة ما قبل التاريخ، ما جعلها جسرا يربط بين القارتين ومركزا للتبادلات الثقافية والبيولوجية اللازمة لتطور البشرية.

وأشار كولينا-جيرار، وهو أستاذ محاضر بجامعة إيكس مرسيليا، إلى أن الاكتشافات في الصويرة، وخاصة الزخارف التي ع ثر عليها في مغارة بيزمون، تندرج ضمن سياق أوسع للتبادل الثقافي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، مما يعكس أهمية المنطقة كملتقى حضاري تاريخي.

وأضاف أن “المغرب يعد كنزا حقيقيا بالنسبة لأركيولوجيا ما قبل التاريخ، بفضل المواقع الغنية المنتشرة عبر التراب الوطني”، موضحا أن هذه الاكتشافات تسلط الضوء على دور المملكة في الإسهام في فهم تاريخ البشرية وأهميته في التبادلات الثقافية والبيولوجية بين إفريقيا وأوروبا، بفضل موقعها الإستراتيجي.

من جهته، تطرق ستيفن كون، أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة أريزونا، لسياق الأبحاث داخل مغارة بيزمون، والطرق المستخدمة لتحديد أعمار الطبقات الجيولوجية المختلفة التي مكنت من إعادة بناء تاريخ الوجود البشري على مدى آلاف السنين.

واستعرض كون التسلسل الزمني للاكتشافات، مسلطا الضوء على الفترات التي شهدت نشاطا بشريا مكثفا في المنطقة، خاصة تلك المتعلقة بالحلي وأدوات الصوان، التي تعكس تطور الممارسات الثقافية والتقنية لدى سكان ما قبل التاريخ.

وعلاوة على ذلك، ساهم باحثون شباب من الولايات المتحدة وفرنسا في إثراء النقاشات من خلال مشاركتهم لأبحاثهم حول الديناميات البيئية والمناخية لما قبل التاريخ، موضحين الظروف البيئية التي شكلت أنماط عيش المجموعات البشرية القديمة.

وقد أسهمت هذه المداخلات في رصد الفرضيات المتعلقة بتكيف إنسان ما قبل التاريخ مع التغيرات المناخية واستراتيجياته للصمود والتنقل عبر تراب “إقليم الصويرة حاليا”.

يشار إلى أن هذا البرنامج العلمي الذي يهم منطقة الصويرة أثمر عن اكتشافات من بينها كذلك أقدم استغلال لشجر الأركان في العالم، ووجود أيل (Megaceroides) بشمال إفريقيا الذي يؤرخ بحوالي 4 آلاف سنة، وتنوع كبير في رؤوس الرماح التي يعود تاريخها إلى ما بين 150 ألف سنة و60 ألف سنة، فضلا عن مجموعة من عظام القوارض بجرف الحمام أفضت إلى دراسة البيئات القديمة والمناخ القديم لمغارة بيزمون.

Exit mobile version