عملت المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش بشراكة مع جمعية منية لإحياء تراث المغرب وجمعية القصور، ومجموعة من الباحثين من جامعة القاضي عياض وباحثين مختصين من جامعة Cardiff et de Northumbria، على تنظيم زيارة ميدانية علمية لحي القصور للوقوف على مميزاته المعمارية وغناه الثقافي، بحيث يتوفر على منازل وأضرحة وأزقة تزكي تاريخه ومكانته الجغرافية.
وبالمناسبة رافق هذا الوفد العلمي مجموعة من المواطنين أبناء الحي لتقديم نبدة تاريخية من خلال ما عايشوه وكذلك مشاركتهم مجموعة من الوثائق التاريخية وتصميمات منازلهم التي ما زالت تحافظ على مقومات تحتاج لدراسة تقنية للبحث عن سبل ترميمها وجعلها أنموذجا لباقي منازل المدينة القديمة.
ولعل هذه المجهودات التي يقوم بها هذا الوفد العلمي والتي تأتي في إطار اكاديمي بحثي وفق مقاربة تشاركية تحاول من خلالها المدرسة توجيه شركائها للعمل على قضايا تهم المدينة القديمة التي تزخر بغنى معماري متميز والذي يحتاج لمزيد من الاهتمام، وكذلك اشباع مقررها الدراسي لضمان تخرج جيل جديد من المهندسين المعماريين مؤهل وقادر على التعامل مع قضايا المدن القديمة والحفاظ على موروثها الثقافي المادي.
وللاشارة اكتسب هذا الحي العريق هويته وتسميته من تمركز رجالات المخزن فيه والطبقات العليا في الدول المتعاقبة على مراكش، فقصور ورياضات هذه الطبقات هي التي وسمت الحي ووهبته اسما، وبما أن الحي امتداد للموقع القديم لمراكش، قصر الحجر المرابطي، وبعده حي الكتبيين الموحدي، فإن قاطنيه في الزمن القديم يتشكلون من عِلْية القوم والشخصيات السياسية والعلماء.
ويبدو أن التحولات التي عرفتها المدينة في العهد الموحدي ونقل سلطتهم إلى القصبة، قد أفرغ الحي، ليستقر فيه في العهد المريني الهنتاتيون الجبليون، ومن الذين سكنوه في هذه الفترة المرينية القاضي الزْكندري الذي ينسب إليه مسجد عتيق بالحي يحمل اسمه، وهذا القاضي كان من أصدقاء ذي الوزارتين لسان الدين ابن الخطيب، وقد ضيفه عنده بمنزله بحي القصور.