اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، الاعتقالات الجماعية التي تعرض لها بعض أعضاء فصيل “الكريزي بويز” المشجع لفريق الكوكب المراكشي “عشوائية وانتقامية”، وتستند على محاضر استنادية ربما تم الإحتفاظ بها للانتقام ليس الا، مما يجعل الجمعية تسائل قيمتها القانونية، من حيث غياب عنصر التلبس وانتفاء الفعل الجرمي.
وتوقفت الجمعية الحقوقية في بلاغ توصلت صحيفة “المراكشي” بنسخة منه، عند الأحداث التي شهدتها المباراة التي جمعت الكوكب المراكشي ونادي وداد فاس، يوم الأحد 24 شتنبر 2023 بالملعب الكبير بمراكش، والتي تخللتها مواجهة بين بعض الجماهير المراكشية والقوات العمومية، ونتج عنها العديد من الإصابات في صفوف الجانبين.
و أشارت الجمعية إلى أن مجموعة “الكريزي بويز” المشجعة لفريق الكوكب المراكشي قررت ليلة السبت قبيل المباراة تهيئ لوحة فنية داخل الملعب، كما جرت العادة في العديد من المباريات من أجل خلق أجواء فرجوية من داخل المدرجات، لكن السلطات الأمنية قامت بمنع المجموعة من إدخال معدات ” التيفو” بمبرر ضرورة الإطلاع على مضمون اللوحة التشجيعية، في حين كان جواب المجموعة رفض الإطلاع على مضمون اللوحة “الذي يجب أن يبقى غير معلن إلى وقت المباراة”، وبعد رفض السماح للمجموعة بالدخول للملعب قصد إعداد التيفو، أصدرت الالتراس بيانا عشية المباراة تندد فيه بقرار المنع.
ويوم الأحد، يضيف بلاغ الجمعية، وفي جو مشحون اتسم بتشديد الإجراءات الأمنية، على مستوى كل بوابات الملعب، امتلأت المدرجات بحوالي 25 ألف متفرج، وفي المدرج الجنوبي، امتلأت المدرجات بأعضاء فصيل “الكريزي بويز”، وبعد تحية روح والدي أحد أعضاء الفصيل الذي قضى في الزلزال الأخير، غادرت الجماهير المحسوبة على الإلتراس بعد عشر دقائق من بداية اللقاء كخطوة احتجاجية على قرارات المنع والتضييق على المجموعة، في تجسيد لهذه الخطوة توجه كل أعضاء المجموعة إلى المقاهي المتواجدة بأقرب الأحياء ( حسب شهادات متطابقة ).
وقبيل نهاية الشوط الأول، يضيف البلاغ، اندلعت اشتباكات بين بعض الجماهير المتواجدة بالمنصة الشرقية وأفراد القوات العمومية، نتج عنها اصابات بين الجماهير المراكشية وبعض أفراد القوات العمومية، ونتج عن تدخل هذه الأخيرة التي نفذت اعتقالات بالجملة، كان معظمها في حق قاصرين، حيث أعلنت ولاية أمن مراكش في حصيلة أولية عن توقيف العشرات بعد هذه الاشتباكات، متهمة اياههم بالتسبب في أعمال شغب.
وأشارت الجمعية الحقوقية إلى أنه بعد إنتهاء المباراة بساعات، قامت الشرطة باعتقال أفراد من “الالتراس” من منازلهم و أثناء الخروج من أماكن عملهم، وتمت هذه الاعتقالات بمبرر تحريض أفراد الإلتراس باقي الجماهير المراكشية على أعمال الشغب، من خلال إقدامهم على الانسحاب من المدرج ومغادرة الملعب، حيث أصدرت المجموعة بيانا توضيحيا، تعتبر فيه خطوة الانسحاب شكلا احتجاجيا حضاريا للتنديد بسياسة المنع والتضييق وممارسة الرقابة عليها.
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق فرع المنارة مراكش، فرض الرقابة القبلية على عمل إبداعي هدفه تشجيع الفريق الكروي والتعبير عن التضامن مع ضحايا زلزال 08 شتنبر ممارسة تسلطية وسلوك غير مبرر، وبالتالي فإن كل ما ترتب عنه من اعتقالات ومحاكمات في صفوف العديد من أفراد الالتراس قد يندرج في خانة انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان.
وأكدت الجمعية على أن التكييف القانوني لإنسحاب بعض أعضاء “الالتراس” لا يمكن ادراجه حسب مقتضيات القانون تحريضا، وأنه لا يجوز متابعة أو محاكمة أي شخص بناء على أفعال لم يرتكبها أو بناء على نوايا واستقراء لتلك النوايا.
وعبرت الجمعية عن خشيتها من أن يكون قرار السلطات التي اتخذت قرار الرقابة مشوب بالمزاجية، باعتباره لا يستند على أي مبرر قانوني، و أن يكون هدفه يتجاوز المجال الرياضي ليصل الى التضييق على الفعل التضامني الانساني الرائع الذي عبر عنه الشعب اتجاه ضحايا الزلزال المدمر، مشددة في الوقت ذاتها على رفضها لكل أشكال العنف أيا كان مصدرها واستهجانها القوي لأعمال الشغب وما خلفته من خسائر.
وناشدت السلطات القضائية بوقف المتابعات الجارية في حق بعض الأفراد وبإعادة فتح تحقيق معمق في الأحداث واعتبار البراءة هي الأصل وضمان كل مقومات و أسس المحاكمة العادلة، حرصا على قواعد العدل والانصاف.
ودعت الجمعية الجهات المسؤولة الى احترام حرية التعبير والابداع بالنسبة لمشجعي كرة القدم وغيرها من الرياضات، والعمل على خلق أجواء إيجابية للفرجة و التحلي بالروح الرياضية بعيدا عن الرقابة والمقاربة الأمنية، وجعل الرياضة عنصرا لتربية الجمهور والشباب على مناهضة العنف و وسيلة لنشر قيم التضامن الإنساني.