عبّرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، عن إدانتها لما أسمته التشويه المتعمد لذاكرة المدينة التاريخية وللثراث الإنساني، وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن التلاعب في ميزانية برنامج “مراكش حاضرة متجددة”.
وقالت الجمعية في بلاغ لها بمناسبة اليوم العالمي للمٱثر والمواقع التاريخية الذي يصادف يوم 18 أبريل، إن مدينة مراكش التي تتضمن العديد من المآثر التاريخية و التي ترمز للحضارات المتعاقبة على المدينة، لا تزال تقاوم جحود المسؤولين والقطاعات الوصية عن سلسلة الشواهد التاريخية التي تزخر بها المدينة، والتي تحولت إلى أطلال مهدمة، طالها النسيان واللامبالاة أو انتشرت حولها أكوام من الأزبال أو إستفادت من مخطط إعادة الهيكلة في إطار ما سمي جورا وبهتانا “مراكش حاضرة متجددة” ، ففقدت قيمتها التاريخية عندما تعرضت لتشويه معالمها بإدخال مواد من الإسمنت والحديد والرمل الجاف في أعمال الترميم، بل إن الأموال المخصصة لإعادة التأهيل لم تستفيد منها هذه المدينة التاريخية دون حسيب أو رقيب.
وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أصدرت تقريرا مفصلا في نونبر 2017 حول ما أسمته تعثر وفشل البرنامج قدمت فيه ملاحظاتها حول الكلفة المالية لبعض الانجازات، وعدم احترام المعايير العلمية والتقنية والفنية في ترميم بعض المآثر التاريخية.
وأشارت الجمعية إلى أن البرنامج الذي خصصت له ميزانية ضخمة تقدر بـ 6,3 مليار درهم، والذي انطلق سنة 2014 وكان مقرر له أن ينتهي مع نهاية 2017، لازال مستمرا بعاهاته وتشوهاته التقنية والفنية سواء فيما يتعلق بعمليات ترميم المآثر التاريخية أو شروط عمل عمال الأوراش وضمان سلامتهم أثناء القيام بالأعمال المطلوبة، في ظل التأجيل المتتالي حتى أصبح كابوسا للمواطنين ومحط سخرية، واعدام مشاريع المواطنين الإقتصادية والخدماتية.
ولفت البلاغ إلى أكوام الأزبال والأتربة المتراكمة على جنبات السور التاريخي للمدينة العتيقة الذي توقفتع أشغال ترميمه، والتي تعتمد على الخرسانة المسلحة والإسمنت مع استمرار البنايات العشوائية التي تعلو السور وعدم تحرير جنباته واستمرار البناء بمستوى من السور كما كان معلنا عنه، إذ لازالت الدور ملتصقة به دون إحترام المسافة المعمول بها، ولم تكتمل عملية تعويض أصحاب المساكن الذي تنتشر على طول السور، ما يؤكد الاهمال الواضح لهذه المعلمة التاريخية، بحسب البلاغ، إضافة لكثرة الانهيارات في أجزاء سبق ترميمها أكثر من مرة خصوصا على طول باب دكالة، قبور الشهداء، بيبة العيادي وقشيش باب الدباغ وباب ايلان وباب أغمات.
و أوضح البلاغ أن “بعض المنجز انهار وتهاوى فور انتهاء الأشغال، كتسقيف سور سوق السمارين، إضافة الى نسيان بعض المنشآت التاريخية وعدم برمجة الأشغال فيها مثل أكدال باحماد وقصر البديع، ناهيك عن تعثر أشغال العديد من الأشغال المحسوبة على البرنامج ، كالحدائق والخزانات والمرافق الثقافية”.
و أكدت الجمعية أنها “تستشعر الانحراف والخلط بين الترميم الذي يعتمد معايير علمية، وبين العصرنة والتجديد”، كما تسجل “تداخل برنامج مراكش حاضرة متجددة المفروض الانتهاء من أجازه وبرنامج تأهيل المدينة العتيقة”.
ودعت الجمعية إلى إعتماد معايير الشفافية في تدبير البرنامجين، واستحضار المعايير الفنية والعلمية والتقنية والتاريخية لعملية الترميم، مشددة على البعد الحضاري واعتبار الحفاظ على التراث الإنساني جزء من الذاكرة الجماعية وحق من حقوق الإنسان وجب صيانته.
و أعاد البلاغ التأكيد على ضرورة التقيد بالأبحاث التاريخية والعلمية المتعارف عليها للترميم، وتعبئة الخبراء والفنيين و إشراك ذوي الإختصاص في كل الدراسات ومراحل الإنجاز بعيدا عن التشويه والتنميط الذي أصبح السمة الغالبة في المنجز حاليا.