توقيع على وزرة..!
من أبرز الأحداث التي تابعناها في الآونة الأخيرة و انتشرت بشكل رهيب عبر كل المنابرالصحفية ومواقع التواصل الإجتماعي خبر زيارة اللاعب البرازيلي “فينسيوس جونيور” نجم ريال مدريد لمؤسسة تعليمية بمراكش، وهو الحدث الذي يدفعنا للتساؤل عن أهداف هذه الزيارة المفاجئة التي أربكت المنظومة التربوية من خلال كثير من الصور التي تقاطرت علينا بدون توقف ؟، ماهي الخلاصات التي أفرزتها تلك الزيارة خدمة للمدرسة ؟ هل فعلا لاعب كرة القدم كالنجم فينسيوس يشكل نموذجا مثاليا للأطفال باعتباره سفيرا للنوايا الحسنة.؟
ونحن نتابع الطريقة التي تمت بها الزيارة والتي فضحت كثير من أعطابنا الداخلية وخلقت معها فوضى عابرة إن لم تكن جارفة لكل المعاني الأصيلة والأهداف النبيلة، الأسئلة لوحدها حول الموضوع كافية لتدين القطاع بأكمله، إن من يسعون لاستغلال أي شيء للتغطيةعلى إخفاقاتهم التدبيرية والتضحية بالمنظومة لحماية مواقعهم غيرمسموح لهم بهذا الفعل المدان من أجل تعميق جراحاتها من خلال إحداث رجة تهد كيانها وتقوض معالمها، ألهذا الحد أصبحت فضاءاتنا التربوية مستباحة بلاحسيب ولارقيب ؟ لعل من أبرزالسقطات التي ترتبت عن تلك الزيارة أن هناك من اعتبرها إجازا وتشكل نموذجا استثنائيا للاعب شق طريقه بعيدا عن الدراسة، بعدما حقق نجوميته التي مكنته من انقاذ مستقبله و أسرته وبالتالي نحن أمام حالة من الاستيلاب والتناقض تثبت الدور المهم للكرة وتنفي دور المدرسة في التفوق الدراسي كآلية للترقي المجتمعي.
كل المذكرات المنظمة للسلوك والهندام المدرسي سقطت شرعيتها بهذه الزيارة، ومن الإفرازات السلبية المترتبة عنها والتي لاشك أنها مسحت بشكل عملي سريع كل التأطير والنصائح المحفزة للإجتهاد، والتي لايتوانى الأساتذة في تقديمها وترسيخها في كل فرصة سانحة لتلاميذهم وتلميذاتهم .
إن تلك التصريحات الغريبة التي نقلتها المواقع تؤكد بما لايدع مجالا للشك أننا هدمنا كل القيم التي بنيناها من حيث لانقصد، فهي تترجم بشكل صريح معطى أساسي أن صورة مع نجم لا يعادلها في الواقع أي شيء آخر، لقد أصبح حلما وطموحا لايضاهيه شيء آخر لدى الناشئة مع التأكيد على أن بعض الصور للنجم رفقة التلميذات داخل الفصل الدراسي، خرجت عن إطار الإعجاب لتعطي دلالات أخرى كخلاصة أننا فقدنا السيطرة على الحدث وضبطه بما يتوافق مع خصوصيات الفضاء التربوي.
من حقنا التساؤل لماذا إعدادية في عز الإمتحانات والدراسة بالضبط وليس ثانوية أو ابتدائية ؟ولماذا لم يتم اختيار مؤسسة تزاوج بين رياضة ودراسة كما جاء في منطوق المذكرة 20×015 الصادرة بتاريخ 13مارس 2020 ما دامت وزارتنا الموقرة قد ضمت إليها الرياضة، لكن واقع التدبير شيء آخر كيف لا والمسؤولون هم الآخرون منبهرون بالحدث لدرجة يتسابق فيها الجميع من أجل توثيق اللحظة، الكل غرق في موج الإعجاب والبعض يتباهى بالحدث كأنه إنجاز خارق.
ومما يثيرالإشمئزاز أن نشاهد التلاميذ يتسابقون نحو النجم ملوحين بوزرات وكراسات فارغة من أجل التوقيع عليها أسوة بالمحظوظين لكن محاولاتهم باءت بالفشل، ليبقى البياض سيد الموقف يلوح في الأفق بدون جواب، وكان من المفروض أن تدون فيها دروس تترجم إلى تحصيل عوض توقيع لانعلم كلفته لكنه لايسمن ولايغني من جوع.
بقلم الأستاذ ادريس المغلشي