يبدو أن القائمين على مشروع بساتين الواحة بمقاطعة سيدي يوسف بن علي بمراكش، لم تكفيهم المآسي الإجتماعية التي تسبب فيها إخلالهم بالتزامتهم تجاه المستفيدين والتي كان من إحدى تجلياتها المؤلمة وفاة امرأة حسرة على حرمانها من شقتها، ولم يتعضوا من اعتقال صاحب المشروع نفسه، حيث يشتكي المستفيدون من تواصل نفس الممارسات وأساليب الإبتزاز التي كانت وراء ايقاف المنعش العقاري الموجود رهن الإعتقال الإحتياطي بسجن لوداية على ذمة التحقيق.
وقال عدد من المستفيدين في اتصال بصحيفة “المراكشي”، إنهم استبشروا خيرا بعد تولي شقيقة المنعش العقاري لإدارة المشروع بمقتضى توكيل، من أجل إتمام إجراءات البيع وتسليم الشقق للمستفيدين الذين لم يتوجهوا إلى القضاء، غير أنهم فوجئوا باستمرار نفس الممارسات التي تعيق عملية التسليم وتحول دونهم ودون الاستفادة من شققهم.
و أكد المتضررون أن الا دارة الجديدة للمشروع لا تزال تنهج سياسة التماطل والتلكؤ في التعاطي مع ملفات المستفيدين وابتزازهم من خلال مطالبتهم بما يفيد أداء مبالغ تحت الطاولة أو ما يسمى “النوار” رغم أن جلهم دفع تلك المبالغ نقدا، علما أن عقد البيع يتضمن المبلغ المتبقي في ذمة المستفيد ويمكن اعتماده لتسوية وانهاء عملية البيع، في حين تفاجأ عدد من المستفيدين بتغيير شققهم بأخرى ومطالبتهم بمبالغ مالية اضافية.
وأشار هؤلاء إلى أن بعض المتضررين قرروا التوجه بشكايات إلى مصالح ولاية أمن مراكش، بسبب استمرار حرمانهم من شققهم وتعريضهم لما أسموه الابتزاز.
وكان قاضي التحقيق لدى المحكمة الإبتدائية بمراكش، الأستاذ الصابري، قرر إيداع صاحب مشروع بساتين الواحة بسيدي يوسف بن علي، رفقة شخصين آخرين رهن الإعتقال الإحتياطي بالسجن المحلي “لوداية”، حيث شرع يوم 13 نونبر المنصرم في جلسات التحقيق التفصيلي مع المتهمين قبل اتخاذ القرار المتعين بحقهم.
وبحسب المعطيات التي توصلت بها صحيفة “المراكشي”، فإن المنعش العقاري أحيل صباح يوم الثلاثاء 29 أكتوبر المنصرم، رفقة اثنين من مساعديه، من طرف عناصر الشرطة القضائية بولاية أمن مراكش على النيابة العامة بالمحكمة الإبتدائية، حيث تم الإستماع إليهم من طرف أحد نواب وكيل الملك الذي قرر متابعتهم في حالة اعتقال مع تحرير ملتمس بإيداعهم السجن وإجراء تحقيق في مواجهتهم من أجل المنسوب إليهم، وهو الملتمس الذي استجاب له قاضي التحقيق.
وجاء ايقاف صاحب المشروع العقاري رفقة متهمين آخرين على خلفية عدة شكايات وجهها مجموعة من المستفيدين من مشروع السكن الإقتصادي الكائن بواحة الحسن الثاني بتراب مقاطعة سيدي يوسف بن علي، إلى مصالح ولاية أمن مراكش.
وبحسب إفادة نفس المصادر، فإن الشكايات تتضمن تهما بالنصب والإحتيال على مجموعة من المستفيدين، وذلك من خلال استخلاص مبالغ غير مستحقة مقابل تسليم الشقق، حيث تم فرض زيادة 50 الآف درهم على المستفيدين من الشقق التي بلغ ثمنها 30 مليون سنتيم قبل أن يتم تقليصها إلى 10 الآف درهم بعدمفاوضات بين الطرفين مع حصر توقيت أدائها في حيز زمني لايتعدى أسبوع ، في الوقت الذي وجد فيه المستفيدون الذين اقتنوا شققهم بمبلغ 45 مليون سنتيم سنة 2018 بالعمارات (GH 1.2.3) المقابلة للشارع، أنفسهم مطالبين بأداء مبلغ إضافي يصل إلى 20 مليون سنتيم، إضافة إلى أن جل المستفيدين فوجئوا بكون مساحة الشقق المسلمة لهم تقل مساحتها عما هو منصوص عليه في عقد البيع.
وأشارت المصادر عينها، إلى أن المشروع تم الترويج له في البداية على أساس أنه يندرج ضمن فئة السكن الإقتصادي المدعوم من طرف الدولة، غير أنه تم تسويقه بمبالغ ترواحت 25 و80 مليون سنتيم للشقة، مما يفتح الباب على مصراعية للتساؤل حول دور الجهات المعنية في التصدي لهذه الإختلالات.
وكان مستفيدون من المشروع العقاري اشتكوا لصحيفة “المراكشي” من مطالبتهم مقابل تسليم شققهم بمبالغ مالية تمثلت في 10200 درهم كواجب (السانديك) لمدة ثلاث سنوات، و3500 درهم مصاريف الملف ومبلغ 100 درهم لتغطية مصاريف اتصال الشركة بهم.
واعتبر هؤلاء المواطنون أن المبالغ المالية المذكورة مبالغ فيها لاسيما وأنها تزامنت مع مناسبة عيد الأضحى التي استنزفت جيوبهم، واستغربوا من مسألة مطالبتهم بواجبات “السانديك” لمدة ثلاث سنوات، لكون هذا الأمر بالإضافة إلى كونه يشكل عبئا ثقيلا على جيوبهم، سيجعلهم رهائن للسانديك الذي ستعينه الشركة صاحبة المشروع، و سيحرمهم من حقهم في انتخاب وكيل اتحاد من الملاكين لتدبير شؤونهم وفق واجبات تناسب قدراتهم وإمكانياتهم المادية.
وأشار مستفيدون إلى أن التماطل في تسليم الشقق لأصحابها تسبب في مآسي اجتماعية وتشتيت شمل مجموعة من الأسر من خلال تطليق الأزواج وإفلاس أسر أخرى، لاسيما و أن كثيرين وجدوا أنفسهم مرغمين على أداء أقساط القروض البنكية التي اقترضوها للإستفادة دون أن يظفروا بـ(قبر الحياة)، علما أن أغلبية المستفيدين يقطنون مساكن على سبيل الكراء ومطالبين بأداء واجبات ذلك كل شهر.
وجدير بالذكر أن إحدى المستفيدات من مشروع بساتين الواحة بمقاطعة سيدي يوسف بن علي بمراكش، وافتها المنية قبيل عصر يوم الأربعاء 27 نونبر المنصرم، وهي تحتج أمام مكتب البيع على عدم تسلم شقتها.
و وفق إفادة شاهد عيان للصحيفة فإن المرأة تصرخ بأعلى صوتها وتقول إن الشقة التي رأتها ذلك اليوم ليست نفسها التي إقتنتها سابقا من صاحب المشروع، قبل أن تدخل في نوبة هستيرية من البكاء ثم تسقط أرضا وقد فارقت الحياة.
وقد انتقلت السلطة المحلية وعناصر الأمن والشرطة العلمية إلى عين المكان، حيث جرى نقل جثة الهالكة إلى مستودع الأموات من أجل اخضاعها للتشريح الطبي بتعليمات من النيابة العامة، بالموازاة مع فتح تحقيق حول ظروف وملابسات الوفاة في انتظار صدر نتائج تقرير الطب الشرعي لحسم السبب.