خلصت تحقيقات أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية، إلى أن ستة رؤساء جماعات بكل من أقاليم القنيطرة وتطوان وأزيلال وسيدي قاسم وتازة وشيشاوة، أجروا تفويتات مشبوهة، تهم العديد من الوعاءات العقارية المملوكة للجماعات المحلية.
وبرر الرؤساء الذين فوتوا قطعا أرضية للخواص بأثمنة بخسة فعلهم، بفتح الباب أمام الاستثمار، لكن الحقيقة عكس ذلك، كما أظهرت نتائج التحقيق، إذ حولوا الأراضي الجماعية التي حازوا عليها، إلى مشاريع عقارية، تم تسويقها بأضعاف ثمنها الأصلي.
وبحسب يومية “الصباح” التي اوردت الخبر، فإن الرؤساء المعنيين بالتفويت المشبوه للعقارات الجماعية، توصلوا باستفسارات من عمال الأقاليم والعمالات المعنية، في انتظار إحالة ملفاتهم على محاكم جرائم الأموال، وترتيب الجزاءات القانونية ضدهم، لأن الأمر يتعلق بشبهة هدر المال، من خلال بيع وعاءات عقارية في مواقع إستراتيجية بأثمنة زهيدة.
وانتهت وزارة الداخلية، بتنسيق مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، من إحصاء أملاك الجماعات الترابية، وتسوية وضعيتها القانونية، إذ تم الشروع في هذه العملية بإحصاء الأملاك العقارية المحفظة، أو التي توجد في طور التحفيظ.
وقررت الداخلية مواكبة الجماعات، وتطبيق المنافســة، قاعدة عامة في استغلال وتفويت الأملاك الجماعية لتحسين الحكامة واعتماد الشفافية والآليات القانونية في تدبير هذه الأملاك العقارية، التي حولها بعض رؤســاء جماعات، القدماء والجدد، إلى “بقرة حلوب”.
وشددت مديرية الممتلكات بوزارة الداخلية الخناق على الرؤساء الفاسدين، من خلال خطة وضعتها لإنقاذ الأراضي المملوكة للجماعات المحلية من “البيع والشراء”، إذ دأب رؤساء مجالس على تفويتها لمنعشين عقاريين بأثمنة بخسة، أو إجراء “مبادلات” لتسوية خلافات، مقابل الحصول على “علاوات”.
وتوصلت وزارة الداخلية أخيرا، بالعديد من المراسلات والشكايات، يفضح أصحابها إحدى الشبكات المنظمة التي تتلاعب في الأراضي المملوكة لمجالس جماعية، بمساعدة “منتخبين كبار” ينخرطون بحيوية ونشاط في عمليات “التبزنيس” بطرق مشبوهة، تطرح حولها علامات استفهام كبرى.
وخلص خبراء العقار بوزارة الداخلية، إلى أن الإصلاح التشريعي وحده غير كاف لتحسين مردودية الأملاك العقارية للجماعات الترابية، إذ ينبغي موازاة مع ذلك، إجراء إحصاء شامل لهذه الأملاك، التي تسيل لعاب بعض رؤساء الجماعات، لمعرفة الرصيد العقاري الذي تملكه الجماعات الترابية، ووضع برنامج شمولي لتعميم نظام التحفيظ العقاري، لحماية هذه الأملاك من الترامي والضياع، وهو ما نجحت فيه المديرية نفسها.
وجاءت الخطة نفسها، التي وضعتها مديرية الممتلكات بوزارة الداخلية، بعدما كشفت تحقيقات أنجزها ولاة وعمال، تورط رؤساء جماعات في “البيع والشراء” في أراض مملوكة للجماعات، وتفويتها لمنعشين مقريين، تحت ذريعة إنجاز “مشاريع تنموية”، وهي في الأصل مشاريع عقارية وتجارية تدر أرباحا خيالية على أصحابها.