ورزازات.. قرويون يستبشرون خيرا بتفجر ينابيع مياه جديدة عقب الزلزال
استبشر سكان دواوير في سفوح جبال الأطلس الكبير بإقليم ورزازات، خيرا بتفجر ينابيع مياه جديدة عقب زلزال ثامن شتنبر الجاري حيث امتزجت الدهشة بالأمل في مشاعر ساكنة تحاول أن تسترجع تدريجيا بعضا من ملامح حياة طبيعية.
وقد عاين مبعوثو وكالة المغرب العربي للأنباء هذه الظاهرة الفريدة في العديد من البلدات المتضررة من الزلزال، خاصة في الدواوير الجبلية بإقليم ورزازات.
ففي منعطف على طريق بين قريتين، لا تخطئ عين العابر مجموعات من الأشخاص قادهم فضولهم إلى هذا السفح ليشاهدوا بأم أعينهم شلالات ظهرت فجأة بعد الزلزال. ويحيط السكان والوافدون على حد سواء هذه المياه ، والتي ينظر إليها كأحد تجليات العناية الإلهية ، باهتمام كبير ، فالعديد من الزوار، وقد قدم بعضهم من مناطق بعيدة، يكتفي بالاستمتاع بالمنظر الطبيعي فيما يحرص آخرون على شرب الماء أو رش أجسادهم به تبركا و ينهمك آخرون في ملء قنينات منه .
تثير هذه العيون المتفجرة بين الصخور فضول القرويين الذين لا يخفون فرحهم بهذه المياه ” المباركة” التي وإن اختلفوا في جرد خصائصها “العجيبة” إلا أنهم يجمعون على أنها بمثابة عزاء رباني يخفف مصابهم في فاجعة الزلزال .
وقرية تيزغا التي تطل على على واد متقطع الجريان على بعد 80 كيلومترا من ورزازات، إحدى والمناطق التي لم يستثنها الزلزال، ولم تحرم أيضا من “بركة ” المياه المتفجرة بعده، بما يؤكد وبالملموس أن “في كل محنة منحة”.
ووفقا للسكان ، عانت هذه القرية المعزولة من نقص مزمن في المياه لعدة سنوات بعد أن جفت أغلب ينابيع المياه ، و نضبت الآبار، ولم تعد المياه تجري في أغلب الأودية.
وأوضح محمد، أحد سكان القرية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه في هذه المنطقة “كان على السكان التوافق فيما بينهم لتحصل كل أسرة من الأسر ، وبالتناوب، على المياه كل عشرين يوما”.
وأضاف دون أن يخفي دهشته “اليوم ارتفع صبيب ينابيع المياه الرئيسية التي تغذي النهر وتفجرت عيون جديدة”. والنتيجة أنه “تم تقليص فترة الانتظار للحصول على المياه إلى ثلاثة أيام”، معرباً عن أمله في أن يستمر هذا الوضع لفترة طويلة.
هذه الظاهرة ، لها تفسير علمي، حيث أوضح خبير المناخ والتنمية المستدامة محمد بن عبو، لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الزلازل والبراكين قد تتسبب في تغيرات مهمة في سطح الأرض. فيمكن أن تؤدي هذه الظواهر الطبيعية، وبشكل عرضي، إلى ارتفاع كبير في تدفق المياه، كما هو الشأن اليوم في ورزازات وتارودانت، و يحدث كذلك أن تتسبب على العكس في انخفاضه، أو حتى في جفاف العيون الموجودة واستنفاد المخزون المائي في بعض الشلالات والينابيع.
وأوضح أن ” الطبقات الجيولوجية تحت الأرض تختزن موارد مائية، على غرار طبقات الحجر الجيري الذي يمكن أن يحوي مخزونا مكثفا للمياه قد يشكل كهوفاً مائية تحت الأرض حيث يؤدي انفجار هذه الكهوف عندما تتعرض لضغط قوي إلى ظهور ينابيع جديدة على السطح “.
ومن وجهة نظر علمية، فهذه الظاهرة الطبيعية قد تكون مؤقتة قبل أن تعود المياه إلى وضعها الطبيعي، وهو ما أكده بن عبو، الذي أشار إلى “مخاطر أخرى بعد الزلزال ترتبط بتسرب المياه الجوفية من خلال الشقوق الناجمة عن الزلزال”.
وإذا كان ظهور ينابيع مياه جديدة يسعد اليوم سكان المناطق المتضررة من الزلزال، فإن المغرب يظل على وعي تام بالإشكالية المرتبطة بالإجهاد المائي. ولمواجهة التحدي العالمي لندرة المياه، اتخذت المملكة سلسلة من التدابير للحفاظ على المياه، وهي تركز جهودها على البنيات التحتية، من خلال بناء السدود، وربط الأحواض المائية، وتحلية مياه البحر.
المراكشي/ و م ع