عبرت جمعية رابطة قضاة المغرب عن “استغرابها” من مضمون البلاغ الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون، حول معضلة الاكتظاظ بالوسط السجني، معتبرة إياه “مسا باستقلالية السلطة القضائية، وشكلا من أشكال التأثير على قرارات قضاتها في تطبيق القانون”.
كما عبرت الرابطة، في بلاغ لها، عن “رفضها أي توجيه أو تدخل في الشأن القضائي، الذي لم يغيب يوما توجهات الدولة في السياسات الجنائية واستراتيجية مكافحة الجريمة وإنزال العقاب وجعل الاعتقال استثناء وليس أصلا”.
واعتبرت الرابطة أن المخاطب الوحيد الذي يجب أن توجه إليه المندوبية العامة لإدارة السجون بلاغها هي رئاسة الحكومة باعتبارها الوصية على هذا القطاع، لدعوتها لتوفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية اللازمتين لحل هذه المعضلة.
وأشارت، في الصدد نفسه، إلى أن الرأي العام الذي خصته المندوبية العامة بهذا البلاغ، هو نفسه الذي طالما نادى بمحاربة الجريمة وعدم التساهل مع المجرمين تحسبا لكل إفلات من العقاب وتحقيقا للردع العام والخاص، سيما وأن المغرب الذي أصبحت ساكنته تفوق 40 مليون نسمة عرف في السنوات الأخيرة تفاقما مضطردا للجريمة كما وكيفا.
ودعت الرابطة، في السياق نفسه، المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إلى الإطلاع على المجهودات التي يبذلها كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة في مجال ترشيد الاعتقال، وذلك من خلال الدوريات المتعددة والمتتالية الصادرة عن كلا الجهتين.
وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أعلنت أول أمس الإثنين سابع غشت الجاري، أن عدد النزلاء بالمؤسسات السجنية بلغ ما مجموعه 100 ألف و4 سجناء، مسجلة بذلك رقما قياسيا.
وأبرزت المندوبية، في بلاغ لها، أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية الحالية لا تتجاوز 64 ألفا و600 سرير، وذلك رغم المجهودات المتواصلة التي بذلتها المندوبية العامة لتحديث وتوسيع حظيرة السجون بالمغرب.
وأشارت إلى أن عدد السجناء بلغ، على سبيل المثال، بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء ما مجموعه 10 آلاف و877 سجينا، علما أن الطاقة الاستيعابية لهذا السجن لا تتعدى 3800 سرير.
ومن المرتقب، وفق بلاغ المندوبية، أن يستمر تزايد الساكنة السجنية مستقبلا إذا ما استمر الاعتقال بالوتيرة الحالية، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية والاستعجالية لتدارك الوضع.
وعبرت المندوبية العامة عن قلقها البالغ لتسجيل هذا “التزايد المهول”، مطالبة السلطات القضائية والإدارية بـ”الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية، علاوة عن المشاكل التي من المفروض أن تنتج عنه في ما يتعلق بظروف الإيواء والتغذية والتطبيب والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج”.