اتهم فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهة مراكش آسفي، الدولة والحكومة بالبفشل لحد الآن في تأمين الشروط الدنيا للإيواء الملائم للظروف الطبيعية والأحوال الجوية، اذ أن أولى القطرات المطرية التي تهاطلت على مناطق الأطلس الكبير بالجهة أظهرت هشاشة وعدم فاعلية المعدّات الخاصة بالإيواء.
وطالب فرع الجمعية في بلاغ له حول تطورات الأوضاع المتعلقة بزلزال الأطلس الكبير بعد مرور حوالي شهر ونصف، الدولة بالإسراع بتحمّل مسؤولياتها في إيواء السكان المتضرّرين في شروط ملائمة وتوفير الدعم الكافي من المواد الأساسية وكل متطلبات العيش الكريم، محملا إياها (الدولة) أية كارثة إنسانية أخرى قد تحلّ بالساكنة المتضررة، وجدد مطلبه بتوفير الحق في الصحة والتعليم والسكن اللائق وفق شروط تضمن الجودة وتكافؤ الفرص والمساواة المجالية وبين الجنسين.
وسجل فرع الجمعية الحقوقية، بطء وتأخّر معالجة مخلفات الزلزال بشكل فعّال، واستمرار نفس السياسات والبرامج السابقة العقيمة والمفلسة، وهدر الزمن ممّا يزيد من تعميق عزلة الساكنة المتضررة وارتفاع منسوب معاناتها الإنسانية.
كما وقف على ضعف مستوى التأهب من حيث البنيات والتجهيزات والأطقم المتخصصة، وغياب التدخّل العاجل والفعال للتصدّي السريع في الأيام الأولى لحدوث الزلزال، مما رفع من حجم الخسائر البشرية في الأرواح وزاد من استفحال الإصابات، إضافة الى أن المعالجة المتّبعة حاليا لتقليص المخاطر وإعادة الحياة تدريجيا إلى طبيعتها في المناطق المتضررة لا تسير وفق مقاربة فعّالة وناجعة.
وسجل اتّسام العمليات المتّبعة حاليا ومنها عمليات الإمدادات والإحصاء وتنقيل التلاميذ… بالإرتجالية والبطء وغياب النجاعة، إضافة إلى عدم تحقيق هدف استئناف الدّراسة بشكل تام لجميع تلاميذ المناطق المتضرّرة، نظرا للتّسرع قبل الإعداد الكافي واللائق لأماكن الاستقبال، ولعدم اكتمال عملية نقل التلاميذ من السلك الإعدادي والتأهيلي إلى مراكش وإلى أسيف المال بمجاط، إذ تم إيواء التلاميذ في داخليات غير مجهّزة، وتفتقد لأبسط المقوّمات الضرورية للاستقرار ناهيك عن ضعف خدمات التغذية والنظافة، ما تسبّب في أمراض جلدية وعلى مستوى الجهاز الهضمي للتلاميذ (نموذج مراكش..) إضافة الى اضطرار أعداد منهم إلى اللجوء الى أسرهم أو كراء منازل للاستقرار.
وسجل الفرع الحقوقي أيضا غياب شبه تام للدراسة بالنسبة للمستوى الابتدائي في العديد من الدواوير المتضرّرة بالجهة، وعدم تدارك الخصاص الحاد بل الافتقار بشكل شبه تام للبنيات والتجهيزات والأطر الصحية والأدوية والخدمات الكافية والمجانية، والاقتصار على حملات تطوّعية من القوافل الطبية.
وأشار البلاغ إلى “تخلي الدولة والسلطات في الكثير من المناطق المتضرّرة عن مسؤوليتها في مدّ الدعم وخاصة المتعلّق بالمواد الغذائية الكافية والأغطية والأفرشة المناسبة والخيام الكافية والانكباب – لحد الآن – على التخزين في مخازن بعضها يفتقر لشروط ملائمة، لتبقى الساكنة المتضرّرة تعيش من إمدادات الجمعيات والفعاليات.
كما سجل الفرع الحقوقي بحسب ذات البلاغ، عدم معالجة الروائح الكريهة المنبعثة من تحت حطام وركام المنازل المنهارة بسبب وجود جثت الحيوانات خاصة من المواشي تحت الأنقاض، واستمرار تراكم الأنقاض وغياب أي تدخل لإزالتها، باستثناء الانهيارات الصخرية أو تلك التي تسبّبت في قطع الطرق، إضافة إلى عدم إصلاح وترميم نقط ومصادر ومجاري المياه من عيون وآبار وسواقي متضرّرة من الزلزال أو التي عرفت نضوبا قبله.. ما عرض الساكنة المعنية بها والمتضرّرة لنقص حاد في المياه الكافية للريّ وإنقاد أغراسها، وللمياه الصالحة للشرب، خاصة أمام استعمال خزانات بلاستيكية معرّضة لمخاطر صحية، إضافة الى غياب الدعم للأنشطة الفلاحية والحرفية أوتوفير فرص الشغل لمن فقدها جراء الزلزال.
وسجل البلاغ أيضا ارتفاع نسب تظلمات واحتجاجات سكان العديد من الدواوير بسبب عدم إحصاء المنازل المتضرّرة والمتضررين عموما ، والتشكّي من الإقصاء والزبونية والمحسوبية وغياب الشفافية، وبناء مخيّمات عبارة عن خيام لن تصمد إطلاقا حتى أمام ملمترات محدودة من التساقطات المطرية كما حدث بمناطق بالحوز يوم الجمعة 20 أكتوبر، كما أن عدد الخيام لا يغطي كل الأسر، علاوة على ضعف المرافق الصحية وتلك الخاصة بالنظافة في المخيمات مما قد يسبب ظهور أمراض وانعكاسات سلبية صحية على الساكنة، ناهيك عن غياب تام لشروط النظافة والوقاية داخل المخيمات، إذ يشتكي المواطنون وخاصة النساء والمرضى والشيوخ من عدم الاستحمام منذ الزلزال، في غياب الماء الساخن وعدم تجهيز أماكن لذلك.
وعبر فرع الجمعية الحقوقية عن تنديده الشديد بتقاعس الدولة والحكومة في معالجة تداعيات الزلزال، وعدم شروعها الفعلي والفوري في توفير البنيات والتجهيزات والخدمات الكافية وتقديم الدعم اللازم بالشكل المطلوب لتخفيف معاناة الساكنة.
وأكد الفرع على ضرورة تجاوز سياسة الترقيع والدعاية المجانية للحقيقة والواقع والعمل بسرعة على توفير البنيات والخدمات الاجتماعية التي لا غنى عنها في مجالات التعليم والصحة والطرق والماء والكهرباء، وذلك بمراجعة مقاربتها الحالية وحلولها غير الناجعة.
وطالب رفاق عزيز غالي بالإسراع بتأمين موارد للعيش عبر إصلاح سواقي الري الفلاحي، وإنقاذ الأشجار المثمرة وتوفير العلف وكل أشكال الدعم للأنشطة الفلاحية والحرفية والمهنية التي تعدّ المورد الأساسي للعيش بالمنطقة، معربين عن اعتزازهم بالحجم الهائل من أشكال التضامن مع الساكنة من طرف الهيئات وعموم الداعمين من داخل المغرب وخارجه، مع دعوته إلى الاستمرار في الدعم وتكثيفه لتوفير الحاجيات الضرورية في غياب مسؤولية الحكومة.
وأكد الفرع على ضرورة اعتماد معايير الشفافية والنزاهة وإجراءات واضحة في عمليات إحصاء المباني المتضرّرة والمقيمين بها والسكان المتضررين، ووقف كل أشكال التسلّط والزبونية والمحسوبية والإقصاء، معربا عن خشيته وتحذيره من أن يتحوّل برنامج إعادة البناء وتأهيل مناطق الزلزال إلى برنامج للاستهلاك الإعلامي والتدوير السياسي فقط، وأن يكون مصيره الفشل الذريع كسابقيه من البرامج التنموية.
وشدد على إعطاء الأولوية، وفي زمن معقول، لبناء السكن اللائق وفي المناطق الملائمة وتشييد أو إصلاح البنيات والمؤسسات والمرافق ذات الأولوية خاصة المتعلّقة بالتعليم والصحة والطرق والماء والكهرباء، وعلى توفير متطلبات العيش الكريم للساكنة من غذاء ودواء ومواد النظافة والوقاية والماء الصالح للشرب وحطب التدفئة، وغيرها من أبسط مقومات العيش هي مهمّة مستعجلة ممكن تحقّقها لو توفرت الإرادة السياسية والفعالية والنجاعة لدى المسؤولين.