كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن أطفالا من ضحايا الزلزال الذي ضرب المغرب في 8 شتنبر، تعرضوا لمحاولة الاستغلال الجنسي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في سياق الحملة التضامنية الواسعة التي شهدتها المناطق المتضررة.
ورصد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في التقريرالذي قدمه يوم أمس الجمعة 24 ماي 2024، مجموعة من السلوكيات التي طالت حقوق الأطفال، والتي تشكل خرقا للقانون.
محاولة للاستغلال الجنسي
ذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه رصد مجموعة من المنشورات (مقاطع فيديو، قصص مصورة، صور، تعليقات) تتضمن محتوى يستهدف أطفالا بمناطق متضررة جراء الزلزال، خاصة الفتيات، بعضها يتضمن إيحاءات جنسية ويحرض على الاعتداء الجنسي على الأطفال.
كما رصد المجلس مضامين أخرى تهدف إلى استغلال الأطفال وادعاءات كثيرة تتعلق بالتحرش أو بالتبليغ عن حالات للاتجار في البشر.
وأشار المجلس، في تقريره، إلى واحدة من التدوينات التي أثارت تفاعلا كبيرا خلال أيام الزلزال، والتي على خلفيتها أعلنت مصالح المديرية العامة للأمن الوطني، يوم 19 شتنبر، عن “توقيف طالب جامعي نشر محتوى تحريضي، يهدد فيه بالتوجه للمناطق المنكوبة بالزلزال لارتكاب اعتداءات جنسية في حق أطفال قاصرين”. لتصدر المحكمة الابتدائية بالرشيدية في حقه لاحقا حكما بالسجن ثلاثة أشهر، قبل أن تقضي غرفة الجنح الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرشيدية بإلغاء الحكم الابتدائي والتصريح ببراءة الشخص المعني.
وفي إطار التحقق من عدد من المضامين التي تضمنت ادعاءات بالتحرش الجنسي بفتيات بالمناطق المتضررة، جرى تداولها على نطاق واسع، اتضح للمجلس أن عددا كبيرا منها أغفل عدة سياقات رئيسية ترتبط بها، تبطل هذه الادعاءات. حيث نبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أن إعادة نشر محتوى على نطاق واسع، وإن كان في سياق الاستنكار والتنديد والتبليغ، دون بحث وتحقق، قد يطرح أحيانا إشكالات تمس بحقوق الإنسان.
رصد المجلس أن بعض المضامين، التي استنكرت الأفعال التي جرى ادعائها وقامت بإعادة نشرها، في إطار التنديد و/أو التبليغ عنها، لم تحرص بالشكل الكافي على الإخفاء الكامل لوجه الفتيات المعنيات.
ونبه المجلس، في هذا الإطار، إلى أنه يمكن لمثل هذا السلوك بالفضاء الرقمي، خاصة في سياق ادعاءات تتعلق بالتحرش والاعتداء الجنسي على الأطفال، أن يتسبب في وصم خطير قد يلحق هؤلاء الأطفال وأثار خطيرة محتملة أخرى، آنية ومستقبلية، على الأطفال المعنيين.
إلحاق الضرر بسمعة الغير
سجل المجلس التعبئة المواطنة الكبيرة لحماية حقوق الطفل عقب فاجعة الزلزال والتنديد المجتمعي الواسع بأي مس أو انتهاك محتمل يمكن أن يطال الطفولة المغربية، فإنه ينبه أن نشر ادعاءات، غير متحقق منها، تهم التحرش والاعتداء الجنسي ضد الأطفال (أو ادعاءات أخرى)، على نطاق واسع، دون حرص كاف أو اتخاذ ما يلزم من الإجراءات الضرورية، في حالات قد تقتضي تدقيق السياقات، قد يلحق ضرارا كبيرا بسمعة أشخاص قد يتضح لاحقا أنهم بريئين من هذه الادعاءات، كما كان عليه الحال في ادعاءات تتبعها المجلس في هذا السياق.
وكشف المجلس أنه في سياق الحملة التضامنية الواسعة بالمناطق المتضررة، جرى تداول صورة لصانعة محتوى تقبل فتاة في الفم بمناطق متضررة، مؤكدا أن تقبيل الأطفال عن طريق الفم، في سياقات محددة، قد يشكل تحرشا واعتداء على الأطفال و”صورة من صور هتك العرض بدون عنف”، مستندا في ذلك لقرار سابق لمحكمة النقض.
فضلا عن ذلك، اعتبر المجلس أن نشر مثل هذه الصور وانتشارها بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى التعرف على هوية الطفل بسهولة وقد تكون له عواقب لاحقة غير مقصودة، بما في ذلك الوصم والانتباه غير المرغوب وحتى مخاطر على سلامة الطفل، علاوة على احتمال استخدام الصورة بشكل غير لائق أو مسيء من قبل أفراد آخرين لأغراض متنوعة، بشكل ينتهك خصوصية الطفل ويعرضه للخطر، بعد انتشار الصورة أو حتى بعد ذلك بسنوات، بسبب ذاكرة الأنترنيت الطويلة.
استغلال لحملات التضامن
أورد تقرير المجلس أن مصالحه رصدت عدة فيديوهات ومضامين لصناع محتوى ومستخدمي المنصات الاجتماعية تتضمن دعوات لتقديم “المساعدة” للضحايا من النساء والفتيات بتشغيلهن كعمال منزليين.
وقد لقيت هذه الفيديوهات والمقاطع استنكارا شديدا وتنديدا كبيرا لدى مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، دفع أصحاب هذا المحتوى إلى المسارعة إلى حذفه. فضلا على أن المكان الطبيعي للأطفال دون سن 18 سنة هو المدرسة، ينبه المجلس على أن مثل هذه الدعوات تشكل تحريضا على خرق القانون واستغلال الأطفال في العمل المنزلي، الذي حدد له المشرع 18 سنة كحد أدنى16 .
وكشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن عددا من المضامين المشابهة تضمنت دعوات للزواج بطفلات من ضحايا الزلزال، لم يخلو بعضها من إيحاءات تفضح نية استغلال الطفلات واستغلال ظرفية الزلزال. وقد خلفت مثل هذه الدعوات حملة شجب واستنكار كبيرة بالفضاء الرقمي. وجدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا السياق بترافعه الدائم والمستمر ضد تزويج أو الزواج بالقاصرات.
وفي هذا السياق، أوصى المجلس الوطني لحقوق الانسان بالامتناع عن إعادة نشر اتهامات وادعاءات قد تمس بحقوق الآخرين وسمعتهم، دون بحث وتحقق. كما دعا إلى النهوض بثقافة توثيق الادعاء والتبليغ عنه بمفهومه القانوني، من خلال الحث على ضرورة التبليغ، بشكل قانوني، لدى السلطات والمؤسسات المختصة.
وشدد المجلس على تعزيز آليات الرصد لدى السلطات العمومية من أجل التصدي التلقائي، ووضع آليات لتعزيز التجاوب السريع مع حالات التبليغ، فضلا عن إلغاء الاستثناء وتثبيت القاعدة القانونية (تزويج الطفلات).
المصدر: snrtnews