تعد أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي دشنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2010 بسلا الجديدة، سر نجاح والتألق اللافت للمنتخبات الوطنية على المستويين العالمي والقاري، وكذا وراء بروز اللاعبين المغاربة في أوروبا خلال السنوات الماضية.
وفضلا عن تقديمها نموذجا مرجعيا في مجال تكوين اللاعبين ومشتلا لصقل العديد من المواهب الرياضية، تعتبر الأكاديمية مشروعا ملكيا يهدف إلى النهوض بكرة القدم الوطنية وتطويرها من خلال انتقاء وتكوين لاعبين موهوبين، يشكل بعضهم اليوم العمود الفقري للمنتخب الوطني لكرة القدم الذي تأهل إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022 لأول مرة في تاريخ كرة القدم العربية والافريقية.
فالأداء الباهر “لأسود الأطلس ” في العرس العالمي ، يعد ثمرة سنوات طوال من الاستثمار في تكوين اللاعبين، لا سيما من خلال هذه المعلمة الرياضية التي تبذل جهودا كبيرة تستحق الثناء في هذا المجال بالنظر إلى جودة التكوين الذي تقدمه الأكاديمية التي لا تدخر جهدا في سبيل إعداد لاعبي كرة قدم المستقبل.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يعتبر كل من اللاعب يوسف النصيري المحترف في نادي اشبيلية الاسباني، ونايف أكرد لاعب ويستهام يونايتد الانجليزي، وعز الدين أوناحي الذي يمارس في أولمبيك مارسيليا إضافة إلى أحمد رضى التكناوتي لاعب فريق الوداد الرياضي من أبرز خريجي الأكاديمية.
وتركت الأكاديمية، التي أحدثت بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لتطوير الرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، أيضا بصمتها في منافسات كأس افريقيا للأمم لأقل من 17 سنة، التي اختتمت أطوارها مساء أمس الجمعة بالجزائر.
وشارك في هذه البطولة القارية ما لا يقل عن تسعة لاعبين من خريجي الأكاديمية، من بين قائمة ضمت 26 لاعبا ، ضمن صفوف المنتخب الوطني لأقل من 17 عاما ، الذي توج بالميدالية الفضية لكأس إفريقيا للأمم في هذه الفئة عقب انهزامه في المباراة النهائية أمام السنغال (1-2).
وخلال هذه المواجهة جاء هدف المنتخب المغربي من قدم عبد الحميد أيت بودلال، الذي هو خريج الأكاديمية، كما اختار المدرب الوطني سعيد شيبا ، في التشكيلة الأساسية خلال المباراة النهائية، أربعة لاعبين من الأكاديمية وهم طه بنغوزيل، وحمزة كوتون ، والعميد عبد الحميد آيت بودلال وآدم شكير.
على الرغم من صغر سنهم ، تألق لاعبو المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة بمهاراتهم وقدراتهم الفنية على أرض الملعب طيلة أطوار بطولة كأس الأمم الافريقية ، حيث أبانوا عن الروح القتالية والفعالية واللعب النظيف في مختلف مباريات هذه المسابقة.
وبهذا الإنجاز الرائع لأشبال الأطلس ، تواصل كرة القدم المغربية (ذكورا وإناثا) تألقها على الساحة القارية والدولية في مختلف الفئات العمرية، وكذا قدرتها على مواصلة توهجها والحفاظ على مستواها وحضورها اللافت لسنوات عديدة على أعلى مستوى وبالتالي الاستمرار في كتابة صفحات رائعة في تاريخها.
والواقع أن هذا النجاح اللافت الذي تعيشه كرة القدم بالمغرب ، ليس وليد الصدفة، أو مجرد ضربة حظ، بل هو ثمرة عمل دؤوب يسهر عليه القائمون على الشأن الرياضي والمؤسسات المعنية من أجل تطوير البنيات التحتية الرياضية بالإضافة إلى حكامة تسييرية جيدة لتحسين أداء كرة القدم الوطنية وتعزيز تنافسيتها وذلك انسجاما مع الرؤية الملكية السديدة في هذا الشأن.
ويشكل إنشاء أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي تطلب بناؤها تعبئة استثمارات مالية بقيمة 140 مليون درهم، تجسيدا للعناية السامية التي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوليها للقطاع الرياضي بصفة عامة، ولتطوير ممارسة لعبة كرة القدم بصفة خاصة.
وتهدف الأكاديمية، المشيدة على مساحة تقدر بنحو 18 هكتارا، إلى المساهمة في انتقاء وتكوين ممارسين لرياضة كرة القدم من مستوى عال، من خلال وضع نظام تربوي يجمع بين الرياضة والدراسة.
كما تتيح هذه المؤسسة الرياضية ، التي تستجيب للمعايير الدولية في المجال وتقدم إطارا ملائما وظروف الراحة والأمن المثلى، تكوين الشباب بما يخول له ممارسة كرة قدم النخبة سواء في المغرب أو الخارج.
وقد جرى بناء وتجهيز الأكاديمية ، التي تعد ثمرة إرادة ملكية، وفق معايير تجعلها تضاهي مراكز التكوين المهنية الأوروبية ذات الصيت العالمي، وذلك بغية الاهتمام بالشباب المغربي ومنحه الظروف الملائمة لتلقي تكوين رياضي علمي يخول له الممارسة في أكبر الأندية الكروية بالمغرب وأوروبا على حد سواء.