أكد عزيز أخنوش رئيس الحكومة، أن عائدات السياحة بالعملة الصعبة، خلال شهري يناير وفبراير من السنة الحالية، تجاوزت 16 مليار درهم، مسجلة ارتفاعا قدره 51 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019، وأزيد من 400 بالمائة مقارنة بشهري يناير وفبراير من السنة الماضية 2022.
و أكد أن أخنوش في كلمة له خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين حول موضوع: “السياسة السياحية الوطنية”، أن القطاع السياحي تأثر بشدة بأزمة كوفيد التي كلفت المغرب خسارة كبيرة من العملة الصعبة بلغت تقدر بـ90 مليار درهم، الأمر الذي دفع بالحكومة إلى العمل بشكل استعجالي وتشاركي مع المهنيين والمتدخلين في القطاع على تنفيذ مخطط استعجالي بقيمة 2 مليار درهم، في عز الأزمة الصحية العالمية، في سابقة هي الأولى من نوعها ببلادنا، لمواكبة التعافي والإقلاع الاقتصادي، وهو ما مكن من إنقاذ القطاع من الانهيار في ظرفية اقتصادية عالمية صعبة وقاسية.
وشمل هذا المخطط 5 تدابير أساسية تخص تمديد صرف التعويض الجزافي، وتأجيل أداء الاشتراكات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدة 6 أشهر، وتأجيل آجال تسديد القروض البنكية، وإعفاء أصحاب الفنادق من الضريبة المهنية المستحقة بالنسبة لسنتين، وأخيرا تخصيص غلاف مالي بقيمة مليار درهم لدعم إعادة تأهيل المؤسسات الفندقية، والذي شهد انخراطا مهما للمهنيين، واستفادت منه 737 مؤسسة إيواء سياحي، بشكل ساهم في الحفاظ على جودة الخدمات المقدمة للسياح وتحسينها بعد الفتح الكلي للأجواء الوطنية.
من جهة أخرى، يضيف أخنوش، عملت الحكومة على تسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية واللوجيستيكية والتنظيمية لإنجاح ” عملية مرحبا”، وفق مقاربة تشاركية وتعبئة شاملة لمختلف المتدخلين، وذلك ترجمة للرؤية الملكية السديدة ولتوجيهات جلالته لتجويد الخدمات المقدمة للجالية المغربية بالخارج والنهوض المستمر بظروف استقبالها.
كما تم اعتماد ” التأشيرة الإلكترونية ” كنظام جديد يهدف إلى تيسير حصول المستفيدين منه على تأشيرة الدخول للمملكة المغربية، حيث تم فتح إمكانية الحصول عليها لفائدة مواطني 49 دولة، وتم إلى حد الآن منح أكثر من 80.000 تأشيرة إلكترونية.
وأكد رئيس الحكومة أنه بفضل هذه المجهودات المبذولة، والتدبير الجيد لفترة ما بعد الجائحة، إضافة إلى النجاح الكبير لعملية التلقيح، فقد عرفت بلادنا انتعاشة قوية جدا بعد فتح الحدود، في شهر مارس 2022، حيث استقبل المغرب في الفترة الممتدة ما بين مارس ودجنبر 2022 حوالي 11 مليون سائح، بنسبة ارتفاع بلغت 292 % مقارنة بسنة 2021، و 391 % مقارنة بسنة 2020.
وأشار إلى أن القطاع استعاد في ظرف 10 أشهر فقط، ما نسبته 84 % من السياح، مقارنة بسنة 2019 بكاملها، والتي كانت تعتبر سنة مرجعية، مبرزا أن نسبة الاسترجاع هاته أعلى من النسبة العالمية المتوسطة للاسترجاع والتي تقدر بنحو 63%، كما تضاعف عدد ليالي المبيت المسجلة في مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة مقارنة مع 2021 ليفوق 19 مليون ليلة مبيت، أي بنسبة زيادة وصلت إلى + 192 %. وبلغت السياحة الداخلية نسبة 50 % من عدد الوافدين على مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة مقارنة مع 38 % قبل الأزمة.
وبعد النجاح الذي عرفه المخطط الاستعجالي للحفاظ على عافية القطاع السياحي وعلى قدرته التشغيلية، يقول أخنوش، عملت الحكومة في إطار مقاربة استشرافية، على بلورة وتنزيل خارطة الطريق الجديدة للقطاع، وهي خارطة مبتكرة، منسقة ومحكمة تستند إلى نهج عملي وحكامة ترابية وتشاركية، بهدف مواجهة تحدي النمو المستدام للقطاع، وجعله يتماشى مع التغيرات المهمة للطلب والأسواق.
وفي هذا الإطار، يضيف رئيس الحكومة، تم يوم 17 مارس الماضي التوقيع على اتفاقية إطار لتنزيل خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة بحلول عام 2026، بهدف وضع السياحة كقطاع رئيسي للنمو الاقتصادي، بميزانية تصل إلى 6.1 مليار درهم.
وأكد أن من خارطة الطريق هاته، تهدف إلى جذب 17.5 مليون سائح سنويا بحلول سنة 2026، وخلق حوالي 200.000 فرصة شغل مباشرة وغير مباشرة، والوصول إلى عتبة 120 مليار درهم كعائدات للقطاع من العملة الصعبة.
ولبلوغ هذه الأهداف، تروم خارطة الطريق المعتمدة تحويل القطاع السياحي عبر العمل على كل الروافع الأساسية، من خلال اعتماد تصور جديد للعرض السياحي يتمحور حول تجربة الزبون عبر 9 سلاسل موضوعاتية و 5 سلاسل أفقية.